للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وظننت أنها الخلع والأموال، فإذا هي ثلاثة أقراص من الخبز وقطعة لحم بقري مقلو بالغرتي وقرعة فيها لبن رائب، فعندما رأيتها ضحكت وطال تعجبي من ضعف عقولهم، وتعظيمهم لهذا الشيء الحقير.

وأقمت بعد بعث هذه الضيافة شهرين لم يصل إلي فيهما شيء من قبل السلطان. ودخل شهر رمضان وكنت خلال ذلك أتردد إلى المشور وأسلم عليه وأقعد مع القاضي والخطيب فتكلمت مع دوغا الترجمان، فقال: تكلم عنده، وأنا أعبر عنك ما يجب فجلس في أوائل رمضان وقمت بين يديه وقلت له إني سافرت بلاد الدنيا، ولقيت ملوكها، ولي ببلادك أربعة أشهر ولم تضفني ولا أعطيتني شيئاً. فماذا أقول عنك عند السلاطين؟ فقال: إني لم أرك ولا علمت بك فقام القاضي وابن الفقيه فردا عليه، وقالا: إنه قد سلم عليك، وبعثت إليه الطعام فأمر لي عند ذلك بدار أنزل بها ونفقة تجري علي، ثم فرق على القاضي والخطيب والفقهاء مالاً ليلة سبع وعشرين من رمضان يسمونه الزكاة. وأعطاني ثلاثة وثلاثين مثقالاً وثلثاً وأحسن إلي عند سفري بمائة مثقال ذهباً.

وله قبة مرتفعة بابها بداخل داره يقعد فيها أكثر الأوقات ولها من جهة المشور طيقان ثلاثة من الخشب مغطاة بصفائح الفضة وتحتها ثلاثة مغشاة بصفائح الذهب أو هي فضة مذهبة وعليها ستور ملف فإذا كان يوم جلوسه بالقبة رفعت الستور فعلم أنه يجلس فإذا جلس أخرج من شباك إحدى الطاقات شرابة حرير قد ربط فيها منديل مصري مرقوم فإذا رأى الناس المنديل ضربت الأطبال والأبواق ثم خرج من باب القصر نحو ثلاثمائة من العبيد في أيدي بعضهم القسي وفي أيدي بعضهم الرماح الصغار والدرق فيقف أصحاب الرماح منهم ميمنة وميسرة ويجلس أصحاب القسي كذلك ثم يؤتى بفرسين مسرجين ملجمين ومعهما كبشان يذكرون أنهما ينفعان من العين.

وعند جلوسه يخرج ثلاثة من عبيده مسرعين فيدعون نائبه قنجاه موسى وتأتي الفَرارية "بفتح الفاء"، وهم الأمراء، ويأتي الخطيب والفقهاء، فيقعدون أمام السلحدارية يمنه ويسرة في المشور ويقف دوغا الترجمان على باب المشور وعليه الثياب الفاخرة من الزردخانة وغيرها وعلى رأسه عمامة ذات

<<  <  ج: ص:  >  >>