وجاء صهره الفقيه المقريء عبد الواحد بشمعة وطعام، ثم جاء ابن الفقيه إلي من الغد وشمس الدين بن النقويش وعلي الزودي المراكشي وهو من الطلبة، ولقيت القاضي بمالي عبد الرحمن، جاءني، وهو من السودان حاج فاضل له مكارم أخلاق بعث إلي بقرة في ضيافته. ولقيت الترجمان دوغَا "بضم الدال وواو وغين معجم"، وهو من أفاضل السودان وكبارهم، وبعث إلي بثور وبعث إلي الفقيه عبد الواحد غرارتين من الفوني وقرعة من الغرتي، وبعث إلي ابن الفقيه الأرز الفوني، وبعث إلي شمس الدين ضيافة، وقاموا بحقي أتم قيام شكر الله لهم حسن أفعالهم. وكان الفقيه متزوجاً ببنت عم السلطان فكانت تتفقدنا بالطعام وغيره. وأكلنا بعد عشرة أيام من وصولنا عصيدة تصنع من شيء شبه القلقاس يسمى القافي "بقاف وألف وفاء" وهي عندهم مفضلة على سائر الطعام فأصبحنا جميعاً مرضى وكنا ستة فمات أحدنا وذهبت أنا لصلاة الصبح فغشي علي فيها، وطلبت من بعض المصريين دواءً مسهلاً فأتى بشيء يسمى بَيْدر "بفتح الباء الموحدة وتسكين الياء آخر الحروف وفتح الداء المهمل وراء" وهو عروق نبات، وخلطه بالأنيسون والسكر، ولته بالماء فشربته، وتقيأت ما أكلته مع صفراء كثيرة. وعافاني الله من الهلاك. ولكني مرضت شهرين.
وكان سلطان مالي مَنْسَى سليمان ومنسى "بفتح الميم وسكون النون وفتح السين المهمل" معناه: السلطان، وسليمان اسمه وهو ملك بخيل لا يرجى منه كبير عطاء، واتفق أني أقمت هذه المدة ولم أره بسبب مرضي، ثم إنه صنع طعاما برسم عزاء مولانا أبي الحسن رضي الله عنه واستدعى الأمراء والفقهاء والقاضي والخطيب وحضرت معهم فأتوا بالربعات وختم القرآن ودعوا لمولانا أبي الحسن رحمه الله ودعوا لمنسي سليمان. ولما فرغ من ذلك تقدمت فسلمت على منسى سليمان وأعلمه القاضي والخطيب وابن الفقيه بحالي فأجابهم بلسانهم فقالوا لي: يقول لك السلطان أشكر الله: فقلت الحمد لله، والشكر على كل حال.
ولما انصرفت بعث إلي الضيافة فوجهت إلى دار السلطان القاضي وبعث القاضي بها مع رجاله إلى دار ابن الفقيه. فخرج ابن الفقيه من داره مسرعاً حافي القدمين فدخل علي، وقال: قم، قد جاءك قماش السلطان وهديته. فقمت،