للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرف الدين بن العجمي، وأقاربه هم كبراء مدينة حلب، ثم سافرت منها إلى مدينة تيزين١ وهي على طريق قنسرين "وضبط اسمها بتاء معلوة مكسورة وياء مد وزاي مكسورة وياء مد ثانية ونون". وهي حديثة اتخذها التركمان وأسواقها حسان ومساجدها في نهاية من الإتقان وقاضيها بدر الدين العسقلاني. وكانت مدينة قنسرين قديمة كبيرة ثم خرجت ولم يبق إلا رسومها. ثم سافرت إلى مدينة أنطاكية وهي مدينة عظيمة أصيلة وكان عليها سور محكم لا نظير له في أسوار بلاد الشام فلما فتحها الملك الظاهر هدم سورها وأنطاكيا كثيرة العمارة ودورها حسنة البناء كثيرة الأشجار والمياه وبخارجها نهر العاصي وبها قبر حبيب النجار رضي الله عنه وعليه زاوية فيها الطعام للوارد والصادر شيخها الصالح المعمر محمد بن علي سنّه ينيف على المائة وهو ممتع بقوته دخلت عليه مرة في بستان له وقد جمع حطبا ورفعه على كاهله ليأتي به منزله بالمدينة ورأيت ابنه قد أناف على الثمانين إلا أنه محدودب الظهر لا يستطيع النهوض ومن يراهما يظن الوالد منهما ولدا والولد والداً. ثم سافرت إلى حصن بُغْراس "وضبط اسمه بباء موحدة مضمومة وغين معجمة مسكنة وراء وآخره سين مهمل"، وهو حصن منيع لا يرام عليه البساتين والمزارع ومنه يدخل إلى بلاد سيس وهي بلاد كفار الأرمن وهم رعية للملك الناصر يؤدون إليه مالا ودراهم فضة خالصة تعرف بالبغلية وبها تصنع الثياب الدبيلية٢ وأمير هذا الحصن صارم الدين ابن الشيباني. وله ولد فاضل اسمه علاء الدين وابن أخ اسمه حسام الدين كريم يسكن الموضع المعروف بالرُّصُص "بضم الراء والصاد المهمل الأول"، ويحفظ الطريق إلى بلاد الأرمن.

وقد شكا الأرمن مرة إلى الملك ناصر من الأمير حسام الدين، وزوّروا


١ وهي قرية من نواحي حلب، كانت من أعمال قنسرين، ثم صارت في عهد الرشيد من العواصم مثل منبج، ورغم أنها تقع في جهة قنسيرين تماماً، فليس هناك ما يمنع أن يسافر إليها ابن بطوطة عن طريق قنسرين، وهي طريقة غير مباشرة، وقد لوحظ ذلك في أسفاره.
٢ نسبة إلى دبيل بفتح أوله وكسر ثانيه، وهي مدينة بأرمينية تتاخم أرّان فتحها حبيب بن مسلمة في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وغلب عليها وعلى قراها، وصالح أهلها وكتب لهم كتاباً.

<<  <  ج: ص:  >  >>