للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعثوا إلى قتله وربما لم تصح حيلهم فقتلوا. كما جرى لهم مع الأمير قراسنقور فإنه لما هرب إلى العراق بعث إليه الملك الناصر جملة منهم فقتلوا ولم يقدروا عليه لأخذه بالحزم.

وكان قراسنقور من كبار الأمراء وممن حضر قتل الملك الأشرف أخي الملك الناصر وشارك فيه ولما تمهد الملك للملك الناصر وقر به القرار واشتدت أواخي سلطانه جعل يتتبع قتلة أخيه فيقتلهم واحداً واحداً إظهاراً للأخذ بثأر أخيه وخوفاً أن يتجاسروا عليه بما تجاسروا على أخيه وكان قراسنقور أمير الأمراء بحلب فكتب الملك الناصر إلى جميع الأمراء أن ينفروا بعساكرهم وجعل لهم ميعاداً يكون فيه اجتماعهم بحلب ونزولهم عليها حتى يقبضوا عليه فلما فعلوا ذلك خاف قراسنقور على نفسه وكان له ثمانمائة مملوك فركب فيهم وخرج على العساكر صباحاً فاخترقهم وأعجزهم سبقا وكانوا في عشرين ألفا وقصد منزل أمير العرب مهنا بن عيسى وهو على مسيرة يومين من حلب وكان مهنا في قنص له فقصد بيته ونزل عن فرسه وألقى العمامة في عنق نفسه ونادى الجوار يا أمير العرب وكانت هنالك أم الفضل زوج مهنا وبنت عمه فقالت له قد أجرناك وأجرنا من معك فقال إنما أطلب أولادي ومالي فقالت له لك ما تحب فانزل في جوارنا. ففعل ذلك وأتى مهنا فأحسن نزله وحكمه في ماله فقال إنما أحب أهلي ومالي الذي تركته بحلب فدعا مهنا بإخوته وبني عمه فشاورهم في أمره فمنهم من أجابه إلى ما أراد ومنهم من قال كيف نحارب الملك الناصر ونحن بلاده بالشام؟ فقال لهم مهنا أما أنا فأفعل لهذا الرجل ما يريده وأذهب معه إلى سلطان العراق وفي أثناء ذلك ورد عليهم الخبر بأن أولاد قراسنقور سيروا على البريد إلى مصر فقال مهنا لقراسنقور أما أولادك فلا حيلة فيهم وأما مالك فنجتهد في خلاصه فركب فيمن أطاعه من أهله واستنفر من العرب نحو خمسة وعشرين ألفا وقصدوا حلب فأحرقوا باب قلعتها وتغلبوا عليها واستخلصوا منها مال قراسنقور ومن بقي من أهله ولم يتعدوا إلى سوى ذلك وقصدوا ملك العراق وصحبهم أمير حمص الأفرم ووصلوا إلى الملك محمد خدابنده سلطان العراق وهو بموضع مصيفه المسمى قراباغ "بفتح القاف والراء والباء الموحدة والغين المعجمة". وهو ما بين السلطانية وتبريز فأكرم نزلهم وأعطى مهنا

<<  <  ج: ص:  >  >>