عراق العرب وأعطى قراسنقور مدينة مراغة من عراق العجم وتسمى دمشق الصغيرة وأعطى الأفرم همدان وأقاموا عنده مدة مات فيها الأفرم وعاد مهنا إلى الملك الناصر بعد مواثيق وعهود أخذها منه وبقي قراسنقور على حاله وكان الملك الناصر يبعث له الفداوية مرة بعد مرة فمنهم من يدخل عليه داره فيقتل دونه ومنهم من يرمي بنفسه عليه وهو راكب فيضربه وقتل بسببه من الفداوية جماعة وكان لا يفارق الدرع أبدا ولا ينام إلا في بيت العود والحديد فلما مات السلطان محمد وولى ابنه أبو سعيد وقع ما سنذكره من أمر الجوبان كبير أمرائه وفرار ولده الدمرطاش إلى الملك الناصر ووقعت المراسلة بين الملك الناصر وبين أبي سعيد واتفقا على أن يبعث أبو سعيد إلى الملك الناصر برأس قراسنقور ويبعث إليه الملك الناصر برأس الدمرطاش فبعث الملك الناصر برأس الدمرطاش إلى أبي سعيد فلما وصله أمر بحمل قراسنقور إليه فلما عرف قراسنقور بذلك أخذ خاتما كان له مجوفا في داخله سم ناقع فنزع فصه وامتص ذلك السم فمات لحينه فعرف أبو سعيد بذلك الملك الناصر ولم يبعث له برأسه.
ثم سافرت من حصون الفداوية إلى مدينة جبلة وهي ذات أنهار مطردة وأشجار البحر على نحو ميل منها وبها قبر الولي الصالح الشهير إبراهيم بن أدهم رضي الله عنه وهو الذي نبذ الملك وانقطع إلى الله تعالى حسبما شهر ذلك ولم يكن إبراهيم من بيت ملك كما يظنه الناس إنما ورث الملك عن جده أبي أمه وأما أبوه أدهم فكان من الفقراء الصالحين السائحين المتعبدين الورعين المنقطعين.
وحكي أن أدهم مر ذات يوم ببساتين مدينة بخارى وتوضأ من بعض الأنهار التي يتحللها فإذا بتفاحة يحملها ماء النهر فقال هذه لا خطر لها فأكلها ثم وقع في خاطره من ذلك وسواس فعزم على أن يستحل من صاحب البستان فقرع باب البستان فخرجت إليه جارية فقال ادعي لي صاحب المنزل فقالت إنه لامرأة فقال استأذني لي عليها ففعلت فأخبر المرأة بخبر التفاحة فقالت له أن هذا البستان نصفه لي ونصفه للسلطان والسلطان يومئذ ببلخ وهي على مسيرة عشرة من بخارى وأحلته المرأة من نصفها وذهب إلى بلخ فاعترض السلطان في موكبه فأخبره الخبر واستحله فأمره أن يعود إليه من الغد وكان للسلطان بنت بارعة الجمال قد خطبها أبناء الملوك فتمنعت وحببت