للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند القتال فغدروا مدينة جبلة وأهلها في صلاة الجمعة فدخلوا الدور وهتكوا الحريم وثار المسلمون من مسجدهم فأخذوا السلاح وقتلوا كيف شاءوا واتصل الخبر باللاذقية فأقبل أمير ها بهادر عبد الله بعساكره وطيرت الحمام إلى طرابلس فأتى أمير الأمراء بعساكره وتبعوهم حتى قتلوا منهم نحو عشرين ألفا وتحصن الباقون بالجبال وراسلوا ملك الأمراء والتزموا أن يعطوه دينارا عن كل رأس أن هو حاول إبقاءهم وكان الخبر قد طير به الحمام إلى الملك الناصر وصدر جوابه أن يحمل عليهم السيف فراجعه ملك الأمراء وألقى له أنهم عمال المسلمين في حراثة الأرض وأنهم أن قتلوا ضعف المسلمون لذلك فأمر بالإبقاء عليهم من اللاذقية إلى دمشق. ثم سافرت إلى مدينة اللاذقية وهي مدينة عتيقة على ساحل البحر يزعمون أنها مدينة الملك الذي كان يأخذ كل سفينة غصبا وكنت إنما قصدتها لزيارة الولي الصالح عبد المحسن الإسكندري فلما وصلتها وجدته غائبا بالحجاز الشريف فلقيت من أصحابه الشيخين الصالحين سعيد البجائي ويحيى السلاوي وهما بمسجد علاء الدين البهاء أحد فضلاء الشام وكبرائها وصاحب الصدقات والمكارم وكان قد عمر لهما زاوية بقرب المسجد وجعل بها الطعام للوارد والصادر وقاضيها الفقيه الفاضل جلال الدين عبد الحق المصري المالكي فاضل كريم تعلق بطيلان ملك الأمراء فولاه قضاءها.

وكان باللاذقية وجعل يعرف بابن المؤيد هجّاء لا يسلم أحد من لسانه متهم في دينه مستخف يتكلم بالقبائح من الإلحاد فعرضت له حاجة عند طيلان ملك الأمراء فلم يقضها له فقصد مصر وتقول أمورا شنيعة وعاد إلى اللاذقية فكتب طيلان إلى القاضي جلال الدين أن يتحيل في قتله بوجه شرعي فدعاه القاضي إلى منزله وباحثه واستخرج كامن إلحاده فتكلم بعظائم أيسرها يوجب القتل وقد أعد القاضي الشهود خلف الحجاب ليكتبوا عقداً بمقاله وثبت عند القاضي وسجن وأعلم ملك الأمراء بقضيته ثم أخرج من السجن وخنق على بابه ثم لم يلبث ملك الأمراء طيلان أن عزل عن طرابلس ووليها الحاج قرطية من كبار الأمراء وممن تقدمت له فيها الولاية وبينه وبين طيلان عداوة فجعل يتتبع سقطاته وقام لديه أخوة ابن المؤيد شاكين جلال الدين القاضي فأمر به وبالشهود الذين شهدوا على ابن المؤيد فأحضروا وأمر بخنقهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>