للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وينصب في شاذروان في الجدار يتصل بحوض من رخام ويقع فيه الماء ولا نظير له في الحسن وغرابة الشكل وبقرب ذلك مطاهر للوضوء يجري فيها الماء وهذه الربوة المباركة هي رأس بساتين دمشق وبها منابع مياهها وينقسم الماء الخارج منها على سبعة أنهار كل نهر أخذ في جهة ويعرف ذلك الموضع بالمقاسم وأكبر هذه الأنهار النهر المسمى بتورة وهو يشق تحت الربوة وقد نحت له مجرى في الحجر الصلد كالغار الكبير وربما انغمس ذو الجسارة من العوامين في النهر من أعلى الربوة واندفع في الماء حتى يشق مجراه ويخرج من أسفل الربوة وهي مخاطرة عظيمة وهذه الربوة تشرف على البساتين الدائرة بالبلد ولها من الحسن واتساع مسرح الأبصار ما ليس لسواها وتلك الأنهار السبعة تذهب في طرق شتى فتحار الأعين في حسن اجتماعها وافتراقها واندفاعها وانصبابها وجمال الربوة وحسنها التام أعظم من أن يحيط به الوصف ولها الأوقاف الكثيرة من المزارع والبساتين والرباع تقام منها وظائفها للإمام والمؤذن والصادر والوارد وبأسفل الربوة قرية النيرب وقد تكاثرت بساتينها وتكاثفت ظلالها وتدانت أشجارها فلا يظهر من بنائها إلا ما سما ارتفاعه ولها حمام مليح ولها جامع بديع مفروش صحنه بفصوص الرخام وفيه سقاية رائعة الحسن ومطهرة فيها بيوت عدة يجري فيها الماء وفي القبلي من هذه القرية قرية المزة وتعرف بمزة كلب نسبة إلى قبيلة كلب بن وبرة بن ثعلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة وكانت إقطاعاً لهم وإليها ينسب الإمام حافظ الدنيا جمال الدين يوسف بن الزّي الكلبي المزي وكثير سواه من العلماء وهي من أعظم قرى دمشق بها جامع كبير عجيب وسقاية معينة وأكثر قرى دمشق فيها الحمامات والمساجد الجامعة والأسواق وسكانها كأهل الحاضرة في مناحيهم وفي شرقي البلد قرية تعرف ببيت الأحبة وكانت فيها كنيسة يقال أن آزر كان يجلب فيها الأصنام فيكسرها الخليل عليه السلام وهي الآن مسجد جامع بديع مزين بفصوص الرخام الملونة بأعجب نظام وأزين التئام

أخبار الأوقاف بدمشق وبعض فضائل أهلها وعوائدهم:

والأوقاف بدمشق لا تحصر أنواعها ومصارفها لكثرتها فمنها أوقاف على العاجزين على الحج يعطي لمن يحج عن الرجل منهم كفايته، ومنها أوقاف على

<<  <  ج: ص:  >  >>