على جمل حتى وقف عليه فأعلمه بحاله فأركبه وأوصله إلى مكة وكان على وسطه هميان فيه ذهب فسلمه إليه وأقام نحو شهر لا يستطيع القيام على قدميه وذهبت جلدتهما ونبتت لهما جلدة أخرى وقد جرى مثل ذلك لصاحب لي أذكره أن شاء الله. ومن المجاورين بالمدينة الشريفة أبو محمد الشروي من المحسنين وجاور بمكة في السنة المذكورة وكان يقرأ بها كتاب الشفاء للقاضي عياض بعد الظهر وأم في التراويح. وبها من المجاورين الفقيه أبو العباس الفاسي مدرس المالكية بها وتزوج ببنت الشيخ الصالح شهاب الدين الزرندي.
ويذكر أن أبا العباس الفاسي تكلم يوماً مع بعض الناس فانتهى به الكلام إلى أن تكلم بعظيمة ارتكب فيها بسبب جهله بعلم النسب، وعدم حفظه للسانه مركبا صعبا عفا الله عنه، فقال الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام لم يعقب فرفع كلامه إلى أمير المدينة طفيل بن منصور بن جماز الحسني١ فأنكر كلامه وبحق إنكاره. وأراد قتله فكلم فيه فنفاه عن المدينة. ويذكر أنه بعث من اغتاله وإلى الآن لم يظهر له أثر نعوذ بالله من عثرات اللسان وزلَلِهِ.
أما أمير المدينة فكان كبيش بن منصور بن جماز وكان قد قتل عمه مقبلاً، ويقال إنه توضأ بدمه. ثم أن كبيشا خرج سنة سبع وعشرين إلى الفلاة في شدة الحر ومعه أصحابه فأدركتهم القائلة في بعض الأيام فتفرقوا تحت ظلال الأشجار، فما راعهم إلا وأبناء مقبل في جماعة من عبيدهم ينادون يا لثارات مقبل فقتلوا كبيش بن منصور صبراً ولعقوا دمه. وتولى بعده أخوه طفيل بن منصور الذي ذكرنا أنه نفى أبا العباس الفاسي.
بعض المشاهد الكريمة خارج المدينة المنورة:
يقع بقيع الغرقد شرقي المدينة المنورة ويخرج إليه على باب يعرف بباب البقيع فأول ما يلقى الخارج إليه على يساره عند خروجه من الباب قبر صفية بنت عبد المطلب رضي الله عنهما وهي عمة رسول الله صلى الله عليه