فقال وكيف لا أعرفه واسمه وصفته في التوراة والإنجيل والزبور وانه صاحب الجمل الأحمر والسيف المشهر فقال عبد الله فلم لا تؤمن به وتصدقه فرفع يده إلى السماء وقال حتى يشاء صاحب هذه الخضراء فأعجبنا كلامه وسرنا والدليل بين ايدينا إذ أتى بنا إلى واد كثير الشجر والماء أمرنا أن نكمن فيه ثم قال لعبد الله بن جعفر إني ذاهب أجس لكم الخبر فقال له عبد الله: أسرع في مسيرك وعد إلينا بالخبر قال فانطلق مسرعا وأقام عبد الله بن جعفر يحرس المسلمين بنفسه إلى الصباح قال فلما اصبحنا صلينا صلاة الصبح وجلسنا ننتظر رجوع الرسول فلم يأت وأبطأ خبره علينا فقلق المسلمون عليه لاحتباسه وخافوا من المكيدة ووسوس لهم الشيطان وساءت بالدليل الظنون فما من المسلمين إلا من ظن بالمعاهد شرا إلا أبا ذر الغفاري رضي الله عنه فإنه قال ظنوا بصاحبكم خيرا ولا تخافوا منه كيدا ولا مكرا أن له شأنا تعلمونه قال فسكت الناس بعد ذلك وإذا بصاحبهم قد اقبل قال وائلة بن الاسقع فلما رايناه فرحنا به وظننا إنه يأمر بالنهوض إلى العدو فاقبل حتى وقف وسط المسلمين وقال: يا أصحاب محمد وحق المسيح ابن مريم إني لا أكذبكم فيما أحدثكم به وإني رجوت لكم الغنيمة وقد حال بينكم وبينها ماء.
فقال له عبد الله رضي الله عنه: وكيف حيل بينا وبينها قال حال بينكم وبينها بحر عجاج وذلك إني اشرفت على السوق وقد قام فيه البيع والشراء فاجتمع فيه أهل دين النصرانية وقد دار أكثرهم بالدير دير أبي القدس واجتمع إليه القسس والرهبان والملوك والبطارقة فلما نظرت إلى ذلك لم ارجع حتى اختبرت ما السبب الذي تجمعت له الخلق زيادة على كل سنة وذلك إني مضيت واختلطت بالقوم وإذا بصاحب طرابلس قد زوج ابنته ملكا من ملوك الروم وقد أتوا بالجارية إلى الدير ليأخذوا لها من راهبهم قربانا وقد دار بها فرسان الروم المنتصرة في عددهم وعديدهم كل ذلك خوفا منكم لانهم يعلمون إنكم بأرض الشام يا معاشر المسلمين وما ارى لكم صوابا أن تصلوا إلى القوم لانهم خلق كثير وجم غفير وجمع غزير فقال عبد الله بن جعفر رضي الله عنه في كم يكون القوم وكم خررتهم فقال: أما السوق ففيه أكثر من عشرين الفا من عوام الروم والأرمن والنصارى والقبط واليهود من مصر والشام وأهل السواد والبطارقة والمنتصرة وأما المستعدون للحرب فخمسة آلاف فارس فما لكم بالقوة طاقة وأن وقع طائح في بلادهم انضاف إليهم امثالهم فإن بلادهم متصلة بهم وأما أنتم فعددكم يسير والعرب منكم بعيد.
قال الواقدي: فصعب ذلك على عبد الله بن جعفر وعلى المسلمين وسقط في ايديهم وهموا بالرجوع فقال عبد الله بن جعفر معاشر المسلمين ما الذي تقولون في.