للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الواقدي: فصالحهم أبو عبيدة وكتب لهم كتاب الصلح والذمام وخلف رجالا من المؤمنين وسار حتى نزل إلى شيزر فاستقبلوه فصالحهم وقال لهم: اسمعتم للطاغية هرقل خبرا فقالوا: ما سمعنا له خبرا غير إنه اتصل بنا الخبر أن بطريق قنسرين قد كتب إلى الملك هرقل يستنجد عليكم وقد بعث بجبلة بن الأيهم الغساني من بني غسان والعرب المنتصره ومعه بطريق عمورية في عشرة آلاف فارس وقد نزلوا على جسر الحديد فكن منهم على حذر أيها الأمير فقال أبو عبيدة: رضي الله عنه حسبنا الله ونعم الوكيل.

قال الواقدي: واقام الأمير أبو عبيدة على شيزر وبقي مرة يقول: اسير إلى حلب ومرة يقول: اسير إلى انطاكيه فجمع امراء المسلمين إليه وقال: أيها الناس قد بلغني أن بطريق قنسرين قد نقض العهد وارسل للملك هرقل والخبر كذا وكذا فما انتم قائلون فقالوا: أيها الأمير دع أهل قنسرين والعواصم وسر بنا إلى حلب وانطاكية فقال خذوا اهبتكم رحمكم الله.

قال الواقدي: وكان بقي من الصلح والعهد الذي بينهم وبين أهل قنسرين شهر او اقل من ذلك فأقام أبو عبيدة رضي الله عنه ينتظر انفصال العهد قال وكانت عبيد العرب يأتون بجراثيم الشجر من الزيتون والرمان وغير ذلك من الاشجار التي تطعم الثمار فعظم ذلك على الأمير ابي عبيدة رضي الله عنه فدعا العبيد إليه وقال: ما هذا الفساد فقالوا: أيها الأمير أن الأحطاب متباعدة منا وهذه الاشجار قريبة فقال الأمير أبو عبيدة عزيمة مني على كل حر وعبد قطع شجرة لها طعم وثمر لاجازينه ولانكلن به فلما سمع العبيد ذلك النكال جعلوا يأتون بالأحطاب من اقصى الديار قال سعيد بن عامر وكان معي عبد نجيب وكان اسمه مهجعا وقد شهد معي الوقائع والحروب وكان جريء القلب في القتال وكان إذا خرج في غارة او في طلب حطب يتوغل ويبعد فخرج هو وجماعة من العبيد ممن شهد الوقائع في طلب الحطب فأبطأ خبره على سيده سعيد بن عامر فركب جواده وخرج في طلبه وجعل يقفو أثره وإذا لاح له شخص وقد سال دمه على وجهه وصبغ سائر جسده وما كاد يمشي خطوة واحدة إلا ويهوي على وجهه قال سعيد بن عامر فنزلت إليه وقلت له: ما وراءك من الأخبار فقال هلكة ودمار يا مولاي فقلت: عليك يا ابن الأسود حدثني بخبرك قال سعيد فلم يكد يقف حتى سقط على وجهه فنضحت على وجهه ماء فسكن ما به فقال: يا مولاي انج بنفسك وإلا ادركك القوم يصنعون بك مثل ما صنعوا بي فقلت: ما القوم الذين صنعوا بك ما أرى فقال خرجت يا مولاي أنا وجماعة من الموالي لنحطتب حطبا فتباعدنا كثيرا في البر وإذا نحن بكتيبة من الخيل زهاء عن ألف فارس كلهم عرب وفي اعناقهم صلبان الذهب والفضة وهم معتقلون بالذهب والفضة.

<<  <  ج: ص:  >  >>