والرماح فلما نظروا إلينا اسرعوا نحونا وداروا بنا وعزموا على قتلنا فقلت لأصحابي: دونكم وإياهم.
فقالوا: ويحك ومن يقاتل وليس لنا طاقة بقتال هذه الكتيبة والخيل وما لنا إلا أن نلقي بأيدينا إلى الأسر فهو اهون من القتال فقلت: لا والله ما سلمت نفسي إليهم دون أن اقاتل قتالا شديدا فلما رأوا مني الجد فعلوا مثل فعلي فقاتلنا القوم وقاتلونا فقتلوا منا عشرة وأسروا عشرة وأما أنا فأثخنت بالجراح حتى سقطت على وجهي فرجعوا عني وبقيت كما ترى قال سعيد بن عامر الأنصاري فغمني والله ما نزل بالعبيد فأردفته ورائي ورجعت على أثري وإذا بالخيل قد طلعت من ورائي كأنها الريح الهبوب او الماء إذا اندفق من ضيق الأنبوب وإذا بخيل غسان أحدقت بالرماح الطوال وهم يقولون نحن بنو غسان من حزب الصليب والرهبان قال سعيد بن عامر فناديتهم أنا من أصحاب محمد المختار صلى الله عليه وسلم فأسرع بعضهم الي وهم أن يعلوني بالسيف فناديته يا ويلك أتقتل رجلا من قومك فقال من أي الناس أنت قلت: أنا من الخزرج الكرام فرد السيف وقال أنت طلبة سيدنا جبلة بن الأيهم وحق المسيح فقلت: ومن اين يعرفني جبلة حتى يطلبني فقال إنه يطلب رجلا من أهل اليمن من انصار محمد بن عبد الله ثم قال سر بنا طائعا وإلا سرت كرها قال سعيد بن عامر فسرت والجيش معي حتى اشرفنا على جيش عرمرم وعنده اعلام وصلبان قد رفعت فلم ازل مع القوم حتى أتوا بي إلى مضرب جبلة بن الأيهم وإذا به جالس على كرسي من ذهب أحمر وعليه ثياب الديباج الرومي وعلى رأسه شبكة من اللؤلؤ وفي عنقه صليب من الياقوت فلما وقفت بين يديه رفع رأسه الي وقال من أي عرب أنت قلت: أنا من اليمن قال اكرمت من أيها فقلت: أنا من ولد حارثة بن ثعلبة بن عمرو وبن عامر بن حارثة بن ثعلبة بن امرىء القيس بن عبد الله بن الأزور بن عوف بن مالك بن كهلان بن سبأ فقال جبلة من أي الملأ أنت نسبا فقلت: أنا من ولد الخزرج بن حارثة من انصار محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام فقال جبلة وأنا من قومك من بني غسان فقلت: أنا من القبيلة التي نسبت إليها فقال أنا جبلة بن الأيهم الذي رجعت عن الإسلام فما رضي صاحبكم عمر بن الخطاب أن يكون مثلي لهذا الدين ناصرا حتى يأخذ مني القود لعبد حقير وأنا ملك اليمن وسيد غسان فقلت: يا جبلة أن حق الله اوجب من حقك وديننا لا يقوم إلا بالحق والنصفة وأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يخاف ولا تأخذه في الله لومة لائم فقال لي ما اسمك فقلت: سعيد بن عامر الأنصاري فقال اوطيء يا سعيد قال فجلست فقال الك عهد بحسان بن ثابت الأنصاري فقلت: شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن قال فيه المصطفى أنت حسان ولسانك حسام فقال لي كم لك منذ فارقته فقلت: عهدي به