عن فرسه وسدوا جراحه فقال: يا ابن الصديق أن كان جبلة قد وصل إليك بضربته فوحق بيعة ابيك لافجعنهم في اسيرهم كما فجعوني بك ثم صاح خالد بعبده همام وقال قدم هذا العلج فقدمه بين يديه فضربه بسيفه فأطاح رأسه عن جسده فلما نظرت الروم إلى صاحبهم وقد قتله خالد فجعهم ذلك وغضب جبلة وقال أبيتم إلا الغدر وقتلتم صاحبنا ثم صاح في الروم والعرب المتنصرة وهموا بالحملة ونظر خالد إليهم وقد حملوا على المسلمين فقال لعبده همام قف أنت عند عبد الرحمن فامنع عنه من أراده بسوء ثم قال لأصحابه: أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخرج أحد منكم عن صاحبه وكونوا حولي فما اسرع الفرج والنصر من الله عز وجل فوقف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حول خالد بن الوليد رضي الله عنه كما امرهم وما قصدهم إلا من آيس من نفسه وحملت الروم والعرب المتنصرة بأجمعهم وثبت لهم المسلمون الأخيار وعظم بينهم القتال ودارت بهم الأهوال قال ربيعة بن عامر والله لقد كان خالد بن الوليد كلما كثرت الخيل حولنا وازدحمت علينا يتقيها بنفسه ويفرقها بسيفه ولم نزل كذلك حتى أخذنا العطش والظما قال رافع بن عميرة الطائي فلما رايت ذلك قلت لخالد بن الوليد: يا أبا سليمان لقد نزل بنا القضاء فقال والله لقد صدقت يا أبا عميرة لاني نسيت القلنسوة المباركة ولم اصحبها معي.
قال الواقدي: وقد عظم عليهم الأمر وعز منهم الصبر وأخذهم الانبهار ورأوا من المشركين الدمار والأرض قد ملئت من قتلى المشركين وهم بين الروم كأنهم أسرى واذ قد نادى بهم مناد وهتف بهم هاتف وهو يقول: خذل الأمن ونصر الخائف أبشروا يا حملة القرآن جاءكم الفرج من الرحمن ونصرتم على عبدة الأوثان هذا وقد بلغت القلوب الحناجر وعملت السيوف البواتر ودارت عليهم الحوافر.
قال الواقدي: حدثنا بسرة عن اسحق بن عبد الله قال كنت مع ابي عبيدة رضي الله عنه فبينما نحن في شيرزة وابو عبيدة في مضربه وإذا به قد خرج في بعض الليل من مضربه وهو ينادي النفير النفير يا معشر المسلمين لقد أحيط بفرسان الموحدين قال فأسرعنا إليه من كل جانب ومكان وقلنا له ما نزل بك أيها الأمير فقال الساعة كنت نائما إذ طرقني رسول الله صلى الله عليه وسلم وجرني وقال لي معنفا يا ابن الجراح أتنام عن نصرة القوم الكرام فقم والحق بخالد بن الوليد رضي الله عنه فقد أحاط به القوم اللئام وإنك تلحق به أن شاء الله تعالى رب العالمين.
قال الواقدي رحمه الله تعالى: فلما سمع المسلمون قول ابي عبيدة رضي الله عنه تبادروا إلى لبس السلاح والزرد وركبوا خيولهم وساروا يريدون خالدا ومن معه قال فبينما الأمير أبو عبيدة رضي الله عنه على المقدمة في أوائل الخيل إذ نظر إلى فارس يسرع به جواده وهو أمام الخيل ويكر في سيره كرا فأمر أبو عبيدة رضي الله عنه رجالا.