للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الواقدي: فلما نظر جبلة بن الأيهم إلى عبد الرحمن وانه لا يؤتي من قبل الخداع والحيل قال هل لك يا غلام أن تلقي بيدك إلينا واغمسك في ماء المعمودية غمسة تخرج منها نقيا من الذنوب كما خرجت من بطن أمك وتكون من حزب الصليب والإنجيل وتأكل القربان وتأخذ الجائزة العظيمة من الملك هرقل وازوجك ابنتي واقاسمك نعمتي واتفضل عليك باكرامي وانعامي وأنا الذي مدحني شاعر نبيكم حيث يقول:

أن ابن جفنة من بقية معشر

...

لم تغذهم آباؤهم باللوم باللوم

يعطي الجزيل ولا يراه بأنه

...

إلا كبعض عطية المذموم

لم ينسني بالشام إذ هو بارح

...

يوما ولا متنصرا بالروم

أن جئته يوما تقر بمنزل

...

تسقي براحته من الخرطوم

فأسرع إلى ما عرضته عليك لتنجو من المهالك وتكون في النعم والعيش السليم فقال عبد الرحمن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يا ويلك يا ابن اللئام أتدعوني من الهدى إلى الضلال ومن الإيمان إلى الكفر والجهالة وأنا ممن وقر الإيمان في قلبه وعرف رشده من غيه وصدق نبي الله وابغض من كفر بالله فدونك والقتال ودع عنك الخديعة والمحال وتقدم إلى ما عزمت عليه حتى أضربك ضربة أعجل بها حمامك وارغم بها انفك وتستريح العرب من أن تنسب إليك لانك كافر بالرحمن وعابد للصلبان قال فغضب ج ٤ بلة من كلام عبد الرحمن جعل عليه وهم به ورفع رمحه يريد أن يطعنه فزاع عبدلارحمن من الطعنة وحمل على جبلة حملة عظيمة وتطاعنا بالرماح حتى كل عبد الرحمن من حمل قناته فرماها من يده وانتضى سيفه وتعاركا في الحرب فهجم عبد الرحمن على جبلة وضرب رمحه فبراه فرمى جبلة باقي الرمح من يده وانتضى سيفه من غمده وكان من سيوف كندة من بقايا كأنه صاعقة بارقة ما ضرب به شيءا إلا براه وحمل على عبد الرحمن رضي الله عنه حملة عظيمة قال رافع بن عميرة الطائي: فعجبنا والله من عبد الرحمن وصبره على قتال جبلة ومنازلته على صغر سنه وقلة أعوانه ثم التقيا بضربتين واصلتين فسبقه عبد الرحمن بالضربة فأخذها جبلة من حجفته فقطع الدرق ونزل السيف إلى البيضة فاثنى سيف عبد الرحمن عنها لأنها ذات سقاية عظيمة فجرحه جرحا واضحا اسأل دمه وضربه جبلة ضربة واصلة فقطع ما كان عليه من الزرد والدروع والثياب ووصلت الضربة إلى منكبه فجرحته فلما أحسن عبد الرحمن رضي الله عنه بالضربة قد وصلت إليه ثبت نفسه وارى قرينه كأن الضربة لم تصل وحرك جواده واطلق عنان فرسه حتى لحق بخالد بن الوليد رضي الله عنه وأصحابه فلما وصل إليهم قال له خالد: قد وصل إليك عدو الله بضربته فقال: نعم وأظهر له ضربته وما لحقه فأخذوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>