على قنسرين والعواصم ونقتل الرجال وننهب الأموال فقال المسلمون: نعم ما رأيت يا أمين الأمة.
قال الواقدي: فانتخب أبو عبيدة رضي الله عنه فرسانا فجعلهم في المقدمة عياض بن غانم الاشعري وساروا حتى اشرفوا على قنسرين والعواصم فقال لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: شنوا الغارات فشنوا الغارات عليهم وسبوا الذراري وقتلوا الرجال فلما نظر أهل قنسرين إلى ذلك غلقوا مدينتهم واذعنوا بالصلح وأداء الجزية فأجابهم أبو عبيدة رضي الله عنه إلى ذلك وكتب لهم كتاب الصلح وفرض على كل رأس منهم أربعة دنانير وبذلك أمره عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
قال الواقدي: لما فتح أبو عبيدة رضي الله عنه قنسرين والعواصم قال لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: اشيروا علي برأيكم رحمكم الله فإن الله تعالى يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} الآية فهل اسير إلى حلب وقلاعها وانطاكية وملوكها وعساكرها او نرجع إلى ورائنا فقالوا: أيها الأمير كيف نرجع إلى حلب وانطاكية وهذه ايام انقضاء الصلح الذي بيننا وبين أهل شيزر وأرمين وحمص وجوسية ولا شك إنهم قد أخذوا الحصار وقووا بلادهم بالأطعمة والرجال ونخاف أن يتغلبوا علينا فيما أخذناه من البلاد ويغيروا علينا لا سيما بعلبك وحصنها فانهم اولو شدة وعديد ونرى من الرأي أنا نرجع إليهم ونقاتلهم فلعل الله عز وجل أن يفتح على ايدينا قال فاستصوب ورجع على طريقه فوجدوا البلاد كما قالوا: قد تحصنت بالعدد والرجال والطعام ولم يكن لابي عبيدة قصد إلا حمص فوجدها قد تحصنت بالعدد والعديد وقد بعث إليها الملك هرقل بطريقا من أهل بيته وكان من أهل الشدة والبأس ومعه جيش عرمرم وكان اسم البطريق هربيس فلما نظر أبو عبيدة إلى ذلك ترك على حمص خالد بن الوليد رضي الله عنه وسار هو إلى بعلبك فلما قرب منها وإذا بقافلة عظيمة فيها جمع من الناس ومعهم البغال والدواب وعليها من انواع التجارات وقد اقبلت من الساحل يريدون بعلبك فلما نظر أبو عبيدة رضي الله عنه إلى سوادها قال لمن حوله من الفرسان ما هذا إلا جمع كثير أمامنا فقالوا: لا علم لنا بذلك فقال علي بخبرهم فسارت الخيل إليهم وأخذت اخبارهم ورجع بعضهم بخبرها والقافلة من قوافل الروم محملة متاعا قال شداد بن عدي وكانت أحمال القافلة أغلبها سكر وكانت لاهل بعلبك فلما سمع أبو عبيدة ذلك قال أن بعلبك لنا حرب وليس بيننا وبينهم عهد فخذوا ما قد ساقه الله إليكم فإنها غنيمة من عند الله.
قال الواقدي: فاحتوينا على القافلة وكان فيها أربعمائة حمل من السكر والفستق والتين وغير ذلك وأخذنا أهلها اسارى فقال أبو عبيدة: رضي الله عنه كفوا عن القتل.