للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واطلبوا منهم الفداء فابتعناهم أنفسهم بالذهب والفضة والثياب والدواب وصنعنا من السكر العصيدة والفالوذج بالسمن والزيت ودعس المسلمون دعبنا وبتنا حيث حوتنا القافلة فلما اصبح الصباح أمرنا أبو عبيدة رضي الله عنه بالمسير إلى بعلبك والنزول عليها وكان قد هرب قوم من القافلة وأخبروا أهل بعلبك بالقافلة.

قال الواقدي: وكان على بعلبك بطريق عظيم يقال له هربيس: وكان شديد البأس شجاع القلب فلما أتاه الخبر بقدوم عساكر المسلمين جمع رجاله وأهل الحرب وأمرهم بلبس السلاح والعدد وخرج بعسكره وجعل يسير وهو يعلم أن الأمير أبا عبيدة رضي الله عنه سائر إليهم بجيوش المسلمين فلما انتصف النهار وتراءى الجمعان وكان هربيس معه سبعة آلاف فارس سوى من اتبعه من سواد بلده ونظر طوالع جيش أبي عبيدة رضي الله عنه ونظر المسلمون إلى ذلك نادوا النفير فعندها تبادرت الفرسان وتقدمت الشجعان وشرعوا رماحهم وجردوا سيوفهم وصف هربيس رجاله وعباهم تعبيئة الحرب فقال له بعض بطارقته: ما الذي تريد أن تصنع مع العرب فقال اقاتلهم لئلا يطمعوا فينا فينزلوا على مدينتنا فقالوا له: الرأي عندي أن لا تقاتل العرب وارجع سالما أنت ورجالك فإن أهل دمشق الشام ما قدروا عليهم ولا ردهم عساكر اجنادين ولا جيوش فسلطين وقد بلغك ما فيه كفاية مما جرى لهم بالأمس مع صاحب قنسرين وصاحب عمورية والعرب المتنصرة وكيف ردهم هؤلاء العرب على أعقابهم منهزمين والصواب إنك تفوز بنفسك وبمن معك وأرجع.

فقال هربيس لست أفعل ذلك ولا أنهزم أمام العرب وقد بلغني أن عسكرهم الكبير على حمص مع الأمير ابي عبيدة الذي كان فيها خالد بن الوليد وهذه غنيمة ساقها المسيح لنا فقال ذلك البطريق الناصح أما أنا فلست أبتع رأيك ولا أقاتل العرب ثم لوى عنان فرسه راجعا إلى بعلبك واتبعه خلق كثير من القوم واما هربيس فإنه صف رجاله وزحف يريد القتال فلما نظر أبو عبيدة رضي الله عنه ذلك وإنهم قد عولوا على الحرب صف رجاله وعساكره وقال: أيها الناس اعلموا رحمكم الله تعالى أن الله قد وعدكم وأيدكم بالنصر حتى هزم أكثر هؤلاء القوم وهذه المدينة التي أنتم قاصدون إليها وسط ما فتحتموه من البلاد وأهلها قد أكثروا من الزاد والعدد والقوة فإياكم والعجب وانتصروا وأغزوا أعداء الدين وانصروا الله ينصركم وأعلموا أن الله معكم ثم حمل الأمير أبو عبيدة وحمل المسلمون قال عامر بن ربيعة وعيش عاش فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد المرسلين ما كان بيننا وبينهم إلا جولة الجائل حتى ولوا الأدبار وطلبوا الاسوار ودخل هربيس المدينة مع أصحابه وفيه سبع جراحات فتلقاه الذي أشار عليه لا تقاتل العرب وقال له: وأين غنائم العرب التي غنمتوها فقال هربيس قبحك المسيح أتهزأ بي وقد.

<<  <  ج: ص:  >  >>