وحريمنا ويقتسمون أموالنا وذرارينا وليس لنا نجدة لأن كل بلدة مشتغل بنفسه عن نصرتنا فأنزل إلى هؤلاء العرب وخذ لنا منهم أمانا واستوثق لنا منهم حتى أنزل أنا إليهم فلعلنا نجري بينهم صلحا ولعلي أمكر بهم حتى نرجع إلى المدينة ولعلي ارغب صاحبهم في شيء من المال فلعله يرغب وينصرف عنا إلى أن نرى ما يكون بينهم وبين الملك هرقل.
قال الواقدي: فنزل الرجل ووقف أمام الأمير سعيد بن زيد وهم الرجل أن يسجد له فمنعه من ذلك وتبادرت إليه المسلمون فأمسكوه ففزع الرجل وقال لم تمنعوني أن أعظم صاحبكم فقال الترجمان ذلك لسعيد بن زيد فقال انما أنا وهو عبدان لله تعالى ولا يجوز السجود والتعظيم إلا لله الملك المعبود القديم فقال الرجل بهذا نصرتم علينا وعلى غيرنا من الأمم فقال سعيد بن زيد فما الذي جاء بك قال جئت لآخذ منك أمانا لبطريقنا أن لا تنقض لنا عهدا فقال سعيد بن زيد ليس من اخلاق الأمراء ومن يقود الجيوش أن يغدر بعد الأمان ولسنا بحمدالله ممن ينقض عهدا وقد أعطيت صاحبك أمانا ولمن معه ممن القى السلاح وخرج يطلب الأمان مستسلما فقال الرجل نريد منك الأمان ومن أميرك وممن معك فقال سعيد لكم ذلك فعند ذلك رجع الرجل إلى البطريق وأعلمه بجواب سعيد وقال له: اخرج وإياكم والغدر فإنه يهلك صاحبه وأن هؤلاء العرب لا يخونون أمانهم وعهدهم.
قال الواقدي: ولقد بلغني أن البطريق هربيس خلع ما كان عليه من الثياب والديباج والقى السلاح ولبس ثياب الصوف وخرج حافيا حاسرا ذليلا ومعه رجال من قومه حتى وقف بين يدي سعيد بن زيد فخر سعيد لله ساجدا وقال: الحمد لله الذي أزال عنا الجبابرة وملكنا بطارقتهم وملوكهم ثم اقبل عليه وقال له: ادن مني فدنا إلى أن جلس إلى جانبه وقال له: أهذا لباسك دائما أم غيرته فقال: لا وحق المسيح والقربان ما لبست الصوف ابدا غير الحرير والديباج وما لبست هذا إلا في وقتي هذا فاني ما أريد حربكم ولا قتالكم ثم قال لسعيد هل لك أن تصالحني على أصحابي هؤلاء وعلى أهل المدينة ومن فيها فقال سعيد أما أصحابك هؤلاء فاني أوفيهم على شرط أن من دخل في ديننا فله ما لنا ومن اختار الإقامة على دينه والقى السلاح كان آمنا من القتل وعليه العهد إنه لا يحمل علينا سلاحا ولا يكون لنا حربا ابدا واما المدينة فالأمير أبو عبيدة عليها وقد فتحها أن شاء الله تعالى ثم قال: أن أحببت أن تسير معي إلى أبي عبيدة حتى يسمع كلامك وتصالح عن قومك فسر وانت في ذمامي فإن اتفق بينكما الأمر وإلا رددتك إلى موضعك هذا ومن أراد الرجوع معك من رجالك إلى أن يحكم الله وهو خير الحاكمين فقال البطريق أنا أفعل ذلك فعندها دعا سعيد بن زيد سعد بن ابي وقاص بن عوف العدوى.