عن الرجال الذين هم في الضيعة يحاصرون فخلى سعيد بن زيد سبيلهم وجاء بهم عند الأمير ابي عبيدة وأخذ سلاحهم وتركهم عنده رهائن على المال الذي عندهم لانه خاف أن تركهم أن يرجعوا إلى المدينة ويغدروا بالمسلمين فتركهم عنده في عساكره هذا والبطريق في المدينة يجبي المال بعد اثني عشر يوما وهم مع ذلك يحملون إلى عسكر المسلمين الزاد والميرة والعلوفة حتى كملت الأموال والثياب والسلاح وحملها البطريق إلى ابي عبيدة رضي الله عنه وقال له: تسلم الأموال على ما وافقتك عليه وخل عن الرجال وانظر إلى من تخلفه علينا من أصحابك فأحضره لنا حتى نشرط عيله بحضرتك أن لا يجوز علينا ولا يطالبنا بما لا نطيق ولا يدخل مدينتا قال فدعا أو عبيدة برجل من سادات قريش اسمه رافع ابن عبد الله السهمي وقال له: يا رافع بن عبد الله استعملتك على هذه المدينة وضم إليك خمسمائة فارس من بني عمك وعشيرتك وأربعمائة فارس من اخلاط المسلمين وإني آمرك بما أمرك الله به فاتق الله حق تقاته ولا تكن إلا من الولاة العادلين وإياك والظلم والجور فتحشر مع الظالمين واعلم أن الله تعالى سائلك عنهم ومطالبك بما تصنع بغير الحق واعلم إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أن الله تبارك وتعالى أوحي إلى موسى بن عمران عليه السلام أن يا موسى لا تظلم عبادي أخرب بيتك من نفسك" فأقم الأرصاد في أطراف البلاد فانك بين أعدائك وبعد هذا ما عرفتك إلا استيقاظا وأحذرك من السواحل وشن الغارة عليهم ولتكن غارتك في المائة والمائتين ولا تمكن أحدا من المدينة يختلط بأصحابك في غارة حتى يطمع عدوكم فيه وأحسن معاملة من ساعدك وأصلح بينهم وأمرهم بالعدل وكن بينهم كأحدهم وأمر أصحابك ومن معك أن يكفوا أيديهم عن الفساد والظلم للرعية والله تعالى خليفتي عليك والسلام عليك.