عمر قال قائل منهم الله خبير بحسن زهده وعبادته وقال اخرون لقد أصبنا بابن عمر فما كان يساوي هذا الفتح شعرة من رأسه.
قال عبد الله بن عمر وأنا مع ذلك أسمع كلامهم خلف الراية فاعلنت بالتهليل والتكبير والصلاة على البشير النذير وهززت الراية فلما نظر المسلمون الراية سارعوا إلى وقالوا: أين كنت فقلت: اشتغلت بقتال صاحبهم فقالوا: أفلح والله وجهك فهذا والله فتح قد رزقنا الله إياه ببركتك قال عبد الله: بوجوهكم ثم حازوا الأموال والغنائم والخيل وستمائة أسير وقتل من المسلمين سبعة نفر فواروهم وصلى عليهم ابن عمر وانعطف الجيش إلى عمرو بن العاص وحدثوه بما جرى ففرح وحمد الله تعالى ثم دعا بالأسرى واستنطق منهم بالعربية فما كان فيهم غير ثلاثة نفر من أنباط الشام فسألهم عن خبرهم وخبر أصحابهم فقالوا: يا معشر العرب أن هذا روبيس قد أقبل في مائة ألف فارس وقد امره الملك أن لا يدعأحدا من العرب يصل ايليا وانه بعث بهذا البطريق طليعة وقد قتل وكأنكم به فقال عمرو أن الله يقتله كما قتل صاحبكم ثم عرض عليهم الإسلام فماأحد منهم أسلم فقال عمرو للمسلمين كأنكم بصاحبهم وقد أتى يأخذ ثأرهم وهؤلاء تركهم علينا بلاء ثم أمر بضرب اعناقهم وصاح بالمسلمين استعدوا فاني أظن أن القوم سائرون فإن أتوا إلينا فهم في شدة وقوة وسنلقي منهم تعبا في القتال وأن سرنا إليهم نرجو من الله النصر والظفر بهم كما ظفرنا بغيرهم وما عودنا الله إلا خيرا قال أبو الدرداء بتنا مكاننا فلما جاء الله بالصباح رحلنا فما بعدنا غير قليل حتى اشرقت علينا عشرة صلبان تحت كل صليب عشرة آلاف فارس فلما أشرف الجيش على الجيش أقبل عمرو ورتب أصحابه وجعل في الميمنة الضحاك وفي الميسرة سعيدا وأقام على الساقة أبا الدرداء وثبت عمرو في القلب ومعه أهل مكة وأمر الناس يقرأون القرآن وقال لهم: اصبروا على قضاء الله وارغبوا في ثواب الله وجنته ثم إنه جعل يصفهم ويعبيهم تعبية الحرب ونظر روبيس بطريق الروم إلى عسكر المسلمين وقد صفهم عمر بن العاص لا يخرج سنان عن سنان ولا عنان عن عنان ولا ركان عن ركاب وهم كأنهم بنيان مرصوص وهم يقرأون القرآن والنور يلمع من نواصي خيولهم فشم منهم رائحة النصر وتبين من نفسه الجزع وعلم أن كل من معه كذلك فوقف ينظر ما يكون من المسلمين وانكسرت حميته قال: وكان أول من برز من جيش المسلمين سعيد ابن خالد رضي الله عنه وهو اخو عمرو بن العاص من امه فلما برز نادى برفيع صوته: ابرزوا يا أهل الشرك ثم حمل على الميمنة فالجأها إلى المسيرة وحمل على الميسرة فالجأها إلى الميمنة وقتل رجالا وجندل أبطالا ثم اقتحم فيهم فشوشهم وزعزع جيشهم قال فاجتمعوا عليه فقتلوه رحمة الله عليه قال فحزن المسلمون على قتله حزنا عظيما واكثرهم عمرو بن العاص وقال: واسعيداه لقد اشترى نفسه من الله عز.