للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجل ثم قال: يافتيان من يحمل معي هذه الحملة حتى ننظر ما يكون من امرها وأنظر حال سعيد قال فاسرع بالإجابة ذو الكلاع الحميري وعكرمة بن أبي جهل والضحاك والحرث بن هشام ومعاذ بن جبل وابو الدرداء وعبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم اجمعين قال عبد الله وكنا سبعين رجلا وحملنا حتى دنونا من القوم وهم لا يفكرون من حملتنا لانهم جبال من حديد.

قال الواقدي: رحمة الله عليه فلما رأى المسلمون ثبات الروم صاح بعضنا لبعض ابعجوا دوابهم فما هلاكهم غير ذلك قال فبعجنا دوابهم بالاسنة فتنكسوا فبعد انتكاسهم تفرق بعضهم عن بعض وحملوا علينا وحملنا عليهم وكنا فيهم كالشامة البيضاء في جلد البعير الأسود وكان شعارنا يوم فلسطين لا إله إلا الله محمد رسول الله يا رب انصر امة محمد صلى الله عليه وسلم قال أبو الدرداء: فلقد شغلني الحرب عن مناشدة الاشعار ولقد كان أحدنا لا يدري أهو يضرب أخاه أو عدوه من كثرة القتام قال فثبت المسلمون مع قتلهم وفوضوا امرهم إلى الله عز وجل وما كان أحد من المسلمين يضرب إلا وظهره ناطق بالدعاء يقول: اللهم انصرنا على من يتخذ معك شريكا قال عبد الله بن عمر بن الخطاب فلم يزل الحرب بيننا إلى وقت الزوال وهبت الرياح والناس في القتام إذ نظرت إلى السماء وقد انفرج فيها فرج وخرجت منها خيول شهب تحمل رايات خضرا أسنتها تلمع ومناد ينادي بالنصر ابشروا يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم فقد أتاكم الله بالنصر قال فلما كان غير قليل إذ نظرت إلى الروم منهزمين والمسلمون في أعقابهم لأن خيل العرب أسبق من خيل الروم قال ابن عمر فقتلنا في هذه الواقعة قريبا من خمسة عشر ألف فارس واكثر ولم نزل في آثارهم إلى الليل وعمرو بن العاص قد فرح بالنصر وقلبه متعلق بالمسلمين لاسراعهم وراء العدو وقال عمرو بن غياث فنظرت إلى عمرو بن العاص والراية في يده وقد أوفى القناة على عاتقه وهو يعركها بيده ويقول: من يرد الناس علي رد الله عليه ضالته إذ نظرت العرب قد عطفت راجعة كعطفة الأم على ولدها فاستقبلهم عمرو وهو يقول: هنيئا لهذه الوجوه التي تعبت في رضا الله تعالى أما كان لكم كفاية في أن خولكم الله حتى اتبعتم العدو فقالوا: ما أردنا الغنيمة بل القتال والجهاد قال: ولما رجع المسلمون لم يكن لهم همة إلا افتقاد بعضهم بعضا ففقد من المسلمين مائة وثلاثون رجلا ختم الله لهم بالسعادة منهم سيف بن عبادة ونوفل بن دارم والأهب بن شداد والباقي من اليمن ووادي المدينة قال فاغتم عمرو لفقدهم ثم راجع نفسه وقال قد نزل بهم خير وانت يا عمرو تأبى ذلك ثم ندب الناس إلى الصلاة كما أمره أبو بكر الصديق رضي الله عنه فصلى ما فاته كل صلاة بأذان واقامة قال ابن عمر ما صلى خلفه إلا قليل بل صلى الناس في رحالهم من تبعهم ولم يجمعوا من الغنائم إلا القليل وبات الناس فلما أصبح عمرو أذن وصلى بهم وأمر الناس بجمع الغنائم وأن يخرجوا.

٢

<<  <  ج: ص:  >  >>