للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الأعداء ثم قرأ الآية: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: ٢٤٩] .

قال الواقدي: ثم أن الملك هرقل لما قلد أمر جيوشه ماهان ملك الأرمن وأمره بالنهوض إلى قتال المسلمين ركب الملك هرقل وركب الروم وضربوا بوق الرحيل وخرج الملك هرقل ليتبع عساكره على باب فارس وسار معهم يوصيهم وقال لقناطير وجرجير والديرجان وقورين ليأخذ كل رجل منكم طريقا وأمر كل واحد منكم نافذ على جيشه فإذا لقيتم العرب فالأمر فيكم لماهان ولا يد على يده واعلموا إنه ليس بينكم وبين هؤلاء إلا هذه الوقعة فإن غلبوكم فلا يقنعوا ببلادكم بل يطلبونكم حيث سلكتم ولا يقنعون بالمال دون النفس ويتخذون حريمكم واولادكم عبيدا فاصبروا على القتال وانصروا دينكم وشرعكم.

قال الواقدي: ثم وجه قناطير بجيشه على طريق جبلة واللاذقية وبعث جرجير على طريق الجادة العظمى وهي أرض العراق وسومين وبعث قورين على طريق حلب وحماة وبعث الديرجان على أرض العواصم وسار ماهان في أثر القوم بحيوشه والرجال أمامه ينحتون له الأرض ويزيلون من طريقهم الحجارة وكانوا لا يمرون على بلد ولا مدينة إلا اضروا بأهلها ويطالبونهم بالعلوفة والاقامات ولا قدرة لهم بذلك فيدعون عليهم ويقولون لاردكم الله سالمين قال وجبلة بن الأيهم في مقدمة ماهان ومعه العرب المتنصرة من غسان ولخم وجذام.

قال الواقدي: حدثني من أثق به أن الطاغية هرقل لما بعث جيوشه إلى قتال المسلمين وكان للأمير أبي عبيدة في جيوش الروم عيون وجواسيس من المعاهدين يتعرفون له الأخبار فلما وصل جيش الروم إلى شيزر فارقتهم عيون أبي عبيدة وساروا طالبين عسكر المسلمين فلم يجدوهم على حمص فسألوهم عنهم فأخبروهم إنهم رحلوا لأن الأمير أبا عبيدة رضي الله عنه لما فتح حمص ترك عندهم من يأخذ الخراج والذي تركه عندهم رجال من أهل حمص من كبرائهم ورؤسائهم وجعل الجواسيس يسيرون حتى وصلوا إلى الجابية وحضروا بين يدي الأمير أبي عبيدة رضي الله عنه واخبروه بما رأوه من عظم الجيوش والعساكر فلما سمع أبو عبيدة ذلك عظم عليه وكبر لديه وقال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وبات قلقا لم تغمض له عين خوفا على المسلمين فلما طلع الفجر أذن فصلى بالمسلمين فلما فرغ من صلاته أقسم على المسلمين أن لا يبرحوا حتى يسمعوا ما يقول: ثم قام فيهم خطيبا وحمد الله تعالى وأثنى عليه وذكر النبي صلى الله عليه وسلم وترحم على أبي بكر الصديق رضي الله عنه ودعا للمسلمين بالنصر وقال: يا معاشر المسلمين اعلموا رحمكم الله أن الله ابتلاكم ببلاء حسن لينظر كيف تعملون وذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>