صليب من الذهب الأحمر وسلمه إلى الديرجان صاحب القسطنطينية وضم إليه مائة ألف فارس من المغليط والإفرنج والقلن وخلع عليه ومنطقه وسوره.
ثم عقد لواء رابعا مرصعا بالدر والجوهر عليه قبضة من الذهب وعليه صليب من الياقوت الأحمر وسلمه إلى ماهان ملك الأرمن وكان يحبه محبة عظيمة لانه كان من أهل الشجاعة والتدبير وقد قاتل عساكر الفرس والترك وهزمهم مرارا فلما عقد له لواء خلع عليه الثياب التي كانت عليه وتوجه وسوره ومنطقه وقلده بالقلائد التي لا يتقلد بها إلا الملوك الاكابر وقال له: يا ماهان قد وليتك على هذا الجيش كله ولا أمر على أمرك ولا حكم على حكمك ثم قال لقناطير وجرجير والديرجان وقورين وهم ملوك الجيش اعلموا أن صلبانكم تحت صليب ماهان وأمركم إليه فلا تصنعوا أمرا إلا بمشورته ورأيه واطلبوا العرب حيث كانوا ولا تفشلوا وقاتلوا عن دينكم القديم وشرعكم المستقيم وافترقوا على أربع طرق فانكم أن أخذتم على طريق واحدة لم تسعكم وتهلكوا الأرض ومن عليها ثم خلع على جبلة بن الأيهم الغساني وضم إليه العرب المتنصرة من غسان ولخم وجذام وقال لهم: كونوا في المقدمة فإن هلاك كل شيء بجنسه والحديد لا يقطعه إلا الحديد ثم أمر القسوس أن يغمسوهم في ماء المعمودية ويقرءوا عليهم ويصلوا عليهم صلاة الموتى.
قال: حدثنا نوفل بن عدي عن سراقة عن خالد قال: أخبرنا قاسم مولى هشام بن عمرو ابن عتبة وكان ممن حضر فتوح الشام كله قال فكانت جملة من بعث الملك هرقل إلى اليرموك من العساكر ستمائة ألف فارس من سائر طوائف أهل الكفر ممن يعتقد الصليب.
قال: وحدثنا جرير بن عبد الله عن يونس بن عبد الأعلى أن جملة من بعث الملك هرقل سوى جيش انطاكية إلى اليرموك سبعمائة ألف فارس قال راشد بن سعيد الحميري كنت أحضر اليرموك من أوله إلى آخره فلما اشرفت علينا عساكر الروم باليرموك نحونا صعدت على محل من الأرض مرتفع واقبلت الروم بالرايات والصلبان فعددت عشرين راية فلما استقرت الروم باليرموك بعث الأمير أبو عبيدة رضي الله عنه روماس صاحب بصرى ليحزر عدد القوم قال فتنكر روماس وغاب عنا يوما وليلة ثم عاد إلينا فلما رأيناه اجتمعنا عنده وسأل أبو عبيدة روماس عن ذلك فقال: أيها الأمير سمعت القوم يذكرون أن عددهم ألف ألف فلا أدري أهم يتحدثون بذلك ليسمع جواسيسنا ويحدثوا بذلك أم لا فقال أبو عبيدة: يا روماس كم عهدك بهم وكم يكون تحت كل راية من عساكر الروم فقال: أيها الأمير أما ما عهدت في عساكر الروم فتحت كل راية خمسون ألف فارس فلما سمع أبو عبيدة ذلك قال الله أكبر أبشروا بالنصر