عز وجل في دار البقاء من حسن الطعام ولقد صدق قيس بن هبيرة في قوله لنا ولسنا ببارحين منزلنا هذا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين قال فوثب قيس بن هبيرة وقال صدق الله قولك أيها الأمير وأعانك على ولايتك ولا تبرح من مكانك وتوكل على الله وقاتل أعداء الله فإن فاتنا فتح عاجل فما يفوتنا ثواب آجل فقال أبو عبيدة: رضي الله عنه شكر الله فضلك وغفر لنا ولك والرأي رأيك وتتابع قول المسلمين بحسن رأيهم إلا خالد بن الوليد رضي الله عنه فإنه ساكت لا يقول شيئا فقال أبو عبيدة: رضي الله عنه يا أبا سليمان أنت الرجل الجريء والفارس الشهم ومعك رأي وعزم فما تقول فيما قال قيس بن هبيرة فقال خالد رضي الله عنه: نعم ماأشار به قيس إلا أن الرأي عندي غير رأيه ولكن لا اخالف المسلمين فقال أن كان عندك رأي فيه صلاح فائت به وكلنا لرأيك تبع فقال خالد بن الوليد رضي الله عنه: اعلم أيها الأمير إنك أن أقمت في مكانك هذا فانك تعين على نفسك لأن هذه الجابية قريبة من قيسارية وفيها قسطنطين ابن الملك هرقل في أربعين ألف فارس وأهل الأردن قد اجتمعوا إليه خوفا منكم والذي أشير به عليكم أن ترحلوا من منزلكم هذا وتجعلوا أذرعات خلف ظهوركم حتى ينزلوا اليرموك ويكون المدد من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قريبا منكم متلاحقا بكم وأنتم على فتح لقتال عدوكم وهي أرض واسعة لمجال الخيل قال فلما نطق خالد بن الوليد بهذا الكلام قال المسلمون: نعم ما أشار به خالد وقال أبو سفيان بن حرب أيها الأمير افعل برأي خالد بن الوليد رضي الله عنه وابعثه إلى ما يلي الرمادة فيكون بين عساكرنا وعساكر الروم المقيمة بالأردن لئلا ندهي منهم عند رحيلنا فإنه سيكون لرحيلنا ورحيل عسكرنا بين هذه الاشجار ضجة عظيمة وجلبة هائلة فيداخل عدوكم فيكم الطمع فإن اقبلوا يريدون غارة ومكيدة لقيهم خالد بن الوليد رضي الله عنه بمن معه فقال خالد بن الوليد: والله يا ابن حرب لقد نطقت عن ضميري وهكذا الرأي عندي.
فعند ذلك أمر أبو عبيدة الناس بالرحيل من الجابية فرحلوا ودعا أبو عبيدة بجيش خالد بن الوليد الذي أقبل به من أرض العراق وهو جيش الزحف وهو يومئذ أربعة آلاف فارس وأمر خالد بن الوليد رضي الله عنه أن يسير بهم ويكون على طلائع المسلمين وحرسهم من وراء ظهورهم قال ووقعت الضجة للمسلمين عند رحيلهم حتى سمع ضجيجهم من مسيرة فرسخين وطلبوا اليرموك وسمع الروم المجتمعة بالأردن ضجة المسلمين عند رحيلهم فظنوا إنهم هاربون إلى الحجاز لما بلغهم من جيش هرقل فطمعوا فيهم وهموا بالغارة على أطرافهم فلقيهم خالد بن الوليد رضي الله عنه فصاح في رجاله وقال دونكم والقوم فهذه علامة النصر قال فانتضى المسلمون السيوف ومدوا الرماح وحمل خالد بن الوليد رضي الله عنه وحمل ضرار بن الأزور رضي الله عنه والمرقال