للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخزرج رضيتم لأنفسكم أمرا ونحن رضينا لأنفسنا أمرا لكم دينكم ولنا ديننا فقال له الأنصاري: إن كنت لا تحب أن تفارق دينك الذي أنت عليه فاعتزل عن قتالنا لتنظر من تكون العاقبة والغلبة فإن كانت لنا وأردت الدخول في ديننا قبلناك وكنت منا وأخانا وأن أقمت على دينك قنعنا منك بالجزية وأقررناك على بلدك وعلى مواطن كثيرة لآبائك وأجدادك.

فقال جبلة أخشى أن تركت حربكم وقتالكم وكانت الدائرة للقوم لا آمن أن يتقووا على بلدي لأن الروم لا ترضى مني إلا أن أكون مقاتلا لكم وقد رأسوني على جميع العرب وأنا لو دخلت دينكم كنت دنيئا ولا اتبع فقال الأنصاري فإن أبيت ما عرضناه عليك فإن ظفرنا بك قتلناك فاعتزل عنا وعن سيوفنا فإنها تفلق الهام وتبري العظام فتكون الوقعة بغيرك أحب إلينا من الوقعة بك وبمن معك قال وكانت الأنصار يريدون بهذا الكلام تخويفه وترغيبه كي ينصرف عنهم وجبلة يأبى ذلك فقال وحق المسيح والصليب لا بد أن أقاتل عن الروم ولو كان لجميع الأهل والقرابة فقال له قيس بن سعد: يا جبلة أبيت إلا أن يحتوي الشيطان على قلبك فيهوى بك في النار فتكون من الهالكين وإنما أتينا لندعوك إلى دين الإسلام لأن رحمك متصلة برحمنا فإن أبيت فستعاين منا حربا شديدا يشيب فيه الطفل الصغير ثم وثب قيس بن سعد وقال لقومه انهضوا على بركة الله تعالى وعونه وحسن طاعته فبعدا له وسحقا فقام جبلة فاستعد للقتال بعدته قال فركب الأنصار خيولهم ورجعوا إلى الأمير أبي عبيدة وخالد بن الوليد رضي الله عنه وأعلموهما بمقالة جبلة وأنه ما يريد إلا القتال فقال خالد بن الوليد رضي الله عنه: أبعده الله تعالى فوعيش عاش فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد المرسلين لينظرن منا جبلة ما ينظر.

ثم قال خالد بن الوليد رضي الله عنه: اعلموا معاشر المسلمين أن القوم في ستين ألف فارس من العرب المتنصرة وهم حزب الشيطان ونحن ثلاثون ألف فارس من حزب الرحمن ونريد أن نلقي هذا الجمع الكبير فإن قاتلنا جبلة بجمعنا كله كان ذلك وهنا منا ولكن ينتدب منا أبطال ورجال إلى قتال هؤلاء العرب المتنصرة فقال أبو سفيان صخر بن حرب لله درك يا أبا سليمان فلقد أصبت الرأي فاصنع ما تريد وخذ من الجيش ما أحببت فقال إني قد رأيت من الرأي أن نندب من جيشنا ثلاثين فارسا فيلقى كل واحد ألفي فارس من العرب المتنصرة.

قال الواقدي: فلم يبق أحد من المسلمين إلا عجب من مقالة خالد بن الوليد رضي الله عنه وظنوا إنه يمزح بمقالته وكان أول من خاطبه في ذلك أبو سفيان صخر بن حرب وقال: يا ابن الوليد هذا كلام منك جد أو هزل فقال خالد بن الوليد رضي الله

<<  <  ج: ص:  >  >>