عنه: لا وعيش عاش فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قلت إلا جدا فقال أبو سفيان فتكون مخالفا لامر الله تعالى ظالما لنفسك وما أظن أن لك في هذه المقالة مساعدا ولو قاتل الرجل منا مائتين كان ذلك أسهل من قولك يقاتل الرجل منا ألفين وأن الله عز وجل رحيم بعباده فرض رجلا منا تلقى الستين ألف فارس فما يجيبك أحد إلى ذلك وأن أجابك رجل لما قلته فإنه ظالم لنفسه معين على قتله فقال خالد بن الوليد رضي الله عنه: يا أبا سفيان كنت شجاعا في الجاهلية فلا تكن جبانا في الإسلام وانظر لمن أنتخب من رجال المسلمين وأبطال الموحدين فإنك إذا رأيتهم علمت إنهم رجال قد وهبوا أنفسهم لله عز وجل وما يريدون بقتالهم غير الله تعالى ومن علم الله عز وجل ذلك من ضميره كان حقا على الله أن ينصره ولو سلك مفظعات النيران فقال أبو سفيان يا أبا سليمان الأمر كما ذكرت وما أردت بقولي إلا شفقة على المسلمين فإذا قد صح عزمك على ذلك فاجعل القوم ستين رجلا ليقاتل الرجل منهم ألف فارس من العرب المتنصرة.
فقال الأمير أبو عبيدة رضي الله عنه: نعم ما أشار به أبو سفيان يا أبا سليمان فقال خالد بن الوليد رضي الله عن والله: يا أيها الأمير ما أردت بفعلي هذا إلا مكيدة لعدونا لانهم إذا رجعوا إلى أصحابهم منهزمين بقوة الله عز وجل ويقولون لهم من لقيكم فيقولون لقينا ثلاثون رجلا يداخلهم الرعب منا ويعلم ماهان أن جيشنا كفء له فقال أبو عبيدة: رضي الله عنه أن الأمر كما ذكرت إلا إنه إذا كان ستون رجلا منا يكونون عصبة ومعينا بعضهم بعضا فقال خالد بن الوليد رضي الله عنه: أنا أنتدب من المسلمين رجالا أعرف صبرهم وقرارهم واقدامهم في الحرب وأعرض عليهم هذه المقالة فإن أحبوا لقاء الله ورغبوا في ثواب الله عز وجل فإنهم يستتجيبون إلى ذلك وأن أحبوا الحياة الدنيا والبقاء فيها ولم يكن فيهم من تطيب نفسه للموت فما بخالد إلا أن يبذل مهجته لله عز وجل والله الموفق لما يحبه ويرضاه.
قال أبو عبد الله حدثنا عمرو بن سالم عن جده برعي بن عدي قال كنت بين يدي خالد بن الوليد رضي الله عنه فدعا بستين رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأول ما دعا خالد بن الوليد قال: أين عمر التميمي اين شرحبيل بن حسنة كاتب وحي رسول الله صلى الله عليه وسلم أين خالد أبن سعيد بن العاص أين يزيد بن أبي سفيان الأموي أين صفوان بن أمية الجمحي أين سهل ابن عمرو العامري أين ضرار بن الأزور الكندي أين رافع بن عميرة الطائي أين زيد الخيل أبيض الركابين أين حذيفة بن اليمان أين قيس بن سعد أين كعب بن مالك الأنصاري أين سويد بن عمرو الغنوي أين