حتى أحصله عندي وأقتله مع هؤلاء الخمسة الأسرى ثم دعا ماهان برجل من الروم اسمه جرجة وكان حكيما فاضلا عند الروم فصيحا بلسان العرب فقال: يا جرجة أريد أن تمضي إلى هؤلاء العرب وتقول لهم يبعثوا لنا رسولا وليكن هذا الرسول الرجل المسمى بخالد قال فركب جرجة وسار نحو عساكر المسلمين فالتقى بخالد بن الوليد فقال له: ما الذي تريد فقال أن الملك ماهان قد بعثني إليكم حتى تبعثوا رجلا منكم فلعل الله أن يحقن دماءنا ودماءكم فقال خالد بن الوليد رضي الله عنه: أنا أكون الرسول إليه وأوقف رسول الروم بين يديه ويدي أبي عبيدة رضي الله عنه وأخبره إنه يريد المسير إلى ماهان فقال أبو عبيدة: امض يا أبا سليمان سلمك الله تعالى فلعل الله تعالى أن يهديهم أو يدعونا للصلح واداء الجزية فتحقن الدماء على يدك فحقن دم رجل واحد أحب إلى الله تعالى من أهل الشرك جميعا فقال خالد بن الوليد رضي الله عنه: أنا أطلب من الله تعالى العون.
ثم وثب خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى خيمته ولبس خفين حجازيين وتعمم بعمامة سوداء وشد وسطه بمنطقة من الأديم وتقلد سيفه الذي استلبه من مسيلمة الكذاب يوم اليمامة وأمر عبده عمان أن يأخذ قبته الحمراء وكانت من الأديم الطائفي وفيها شمعات من الذهب الأحمر وحليتها من الفضة البيضاء وكان خالد قد أشتراها من أمرأة ميسرة بن مسروق العبسي بثلثمائة دينار فحملها على بغل وركب خالد جواده فلما هم بالمسير قال له أبو عبيدة: يا أبا سليمان خذ معك رجالا من المسلمين يكونون لك عونا فقال خالد: أيها الأمير أحب ذلك ولكن لا اكراه في الدين وليس لي عليهم طاعة فأمر من شئت فلما سمع المسلمون كلام خالد بن الوليد رضي الله عنه قال معاذ بن جبل يا أبا سليمان إنك من أهل الفضل ولو أمرتنا بأمر امتثلناه لانك سائر في طاعة الله تعالى ورسوله.
قال الواقدي: فاستركب معه مائة فارس من المهاجرين والأنصار منهم المرقال بن عتبة بن أبي وقاص وشرحبيل بن حسنة وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل العدوي وميسرة بن مسروق العبسي وقيس بن هبيرة المرادي وسهل بن عمرو العامري وجرير بن عبد الله البجلي والقعقاع بن عمرو التميمي وجابر بن عبد الله الأنصاري وعبادة بن الصامت الخزرجي والأسود بن سويد المازني وذو الكلاع الحميري والمقداد بن الأسود الكندي وعمرو بن معد يكرب الزبيدي رضي الله عنهم أجمعين ولم يزل خالد ينتخب مثل هؤلاء السادات رضي الله عنهم حتى كمل منهم مائة فارس كل فارس منهم يرد جيشا وحده فاخذوا زينتهم واشتملوا بلباس الحرب وتوشحوا بالأبراد وتعمموا بالعمائم وتمنطقوا بالخناجر وتقلدوا بالسيوف وركبوا الخيل العتاق وسار خالد بن الوليد رضي الله عنه.