للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنهم صبروا ينظرون امره فقال ماهان لخالد: وقد اسشاظ غضبا وحق المسيح لاحضرن أصحابك الخمسة الأسارى وأضربن أعناقهم وأنت تنظر إليهم فقال له خالد: اسمع ما اقول لك يا ماهان أنت أقل وأذل وأحقر من ذلك واعلم أن هؤلاء الذين في يدك هم منا ونحن منهم فوحق الدعوة المستجابة وحق بيعة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وخلافة عمر بن الخطاب لئن قتلتهم لاقتلنك بسيفي هذا ويقتل كل رجل منا من قومك بعددهم وزيادة ثم وثب خالد رضي الله عنه من موضعه وانتضى سيفه من غمده وفعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كفعله وهو يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله وجردوا سيوفهم وهاجوا كالجمال أو كالسباع الضواري واستقتلوا وأيقنوا بالشهادة في ذلك المكان.

قال الشيخ أبو عبد الله محمد الواقدي مؤلف هذا الكتاب والله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة ما اعتمدت في أخبار هذه الفتوح إلا الصدق وما نقلت: أحاديثها إلا عن ثقات وعن قاعدة الحق لاثبت فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهادهم حتى أرغم بذلك أهل الرفض الخارجين عن السنة والفرض إذ لولاهم بمشيئة الله لم تكن البلاد للمسلمين وما انتشر علم هذا الدين فلله درهم لقد جاهدوا في الله حق جهاده ونصروا دينه وثبتوا للقاء الأعداء وبذلوا جهدهم ونصروا الدين حتى زحزحوا الكفر عن سريره وتقهقر لا جرم وقد قال فيهم الملك المقتدر: {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ} [الأحزاب: ٢٣] .

قال الواقدي: حدثني مسلم بن عبد الحميد عن جده رافع بن مازن قال كنت مع خالد يوم سرنا إلى ماهان وكنا في سرادقة فلما جذبنا السيوف وهممنا بالقوم وما في اعيننا من جيوش الروم شيء وقد ايقنا بالحشر من ذلك الموضع.

قال الواقدي: فلما رأى ماهان الحقيقة منا ومن خالد وتبين الموت في شفار سيوفنا نادى ماهان مهلا يا خالد لا تكن بهذه العجلة تهلك وأنا أعلم إنك ما قلت ذلك القول إلا إنك رسول والرسول يحمل ولا يقتل وأنا انما تكلمت بما تكلمت لاختبركم وانظر ما عندكم والآن فما أواخذك فارجع إلى عسكرك واعزم على القتال حتى يعطي الله تعالى النصر لمن يشاء فلما سمع ذلك أغمد سيفه وقال: يا ماهان ما تصنع في هؤلاء الأسرى فقال ماهان أطلقهم كرامة لك وأخلي سبيلهم فيكونون عونا لك ولن تعجزونا في الحرب غدا ففرح خالد بذلك وأمر ماهان بتخلية أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فاطلقوا من وثاقهم وهم خالد بالمسير فقال ماهان يا خالد إني كنت أحب أن يصلح الأمر بيني وبينكم وإني أسألك حاجة فقال خالد: سل ما تريده فقال أن قبتك هذه الحمراء قد أعجبتني وإني أريد أن تهبها لي وانظر في عسكري ما أعجبك من شيء فأهبه لك فقال خالد: والله لقد فرحتني إذ طلبت ما أملكه وهي موهوبة لك وأما ما عرضت.

<<  <  ج: ص:  >  >>