للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البطريق وكان ماهان يود لو ترك الأمر وصالح على أداء الجزية ولكنه كان مغلوبا على أمره وأقبلت الملوك والقسوس والبطارقة والرهبان على ماهان وقالوا: ما بال الملك امتنع من الطعام فإن كان ذلك من غمه على من مات وعلى ما جرى عليه من الحرب فإن الحرب سجال فيوم لك ويوم عليك واعلم أيها الملك أن القوم بنا ظافرون وما نملكهم إلا أن نحمل عليهم فلا يبقى منهم أحد قال ماهان ما أظنكم غير منصورين إلا من تغير اديانكم والجور في سلطانكم فبهذا نصرت العرب عليكم فقام إليه رجل وقال: أيها الملك عشت الدهر وأنا رجل من أهل دينكم وكان لي مائة رأس من الغنم وكان فيها ولدي يرعاها فضرب عظيم من عظماء أصحابك الفسطاط إلى جانبها ثم إنه عدا عليها فأخذ منها حاجته وأخذ بقيتها أصحابه فجاءته زوجتي تشكو إليه انتهاب غنمي فلما رآها أمر بها فأدخلت إليه فطال مكثها عنده فلما رأى ولدها ذلك دنا من الفسطاط فإذا هو يجامع أمه فصاح الغلام فأمر البطريق بقتل الغلام فقتل فأتيت أريد خلاص ولدي وزوجتي فامر بي فضربت بالسيف فتلقيت الضربة بيدي فقطعها ثم إنه أخرج يده فإذا هي مقطوعة قال فغضب ماهان عند ذلك غضبا شديدا وقال للمعاهد أتعرف هذا البطريق الذي فعل بك ذلك قال: نعم هو هذا وأومأ بيده إلى بطريق من البطارقة فنظر إليه ماهان مغضبا قال فغضب البطريق وغضب البطارقة لغضبه ومالوا على المعاهد فضربوه بأسيافهم حتى قطعوه وماهان ينظر إليهم فزاد غضبه وقال خذلتم وهلكتم وحق المسيح يا ويلكم ترجون النصر وأنتم تفعلون هذا الفعال أما تخافون القصاص غدا وأن الله ينتقم منكم وينزع منكم صالح ما أعطاكم ويعطيه غيركم ممن يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر فوالله انتم الآن عندي كالكلاب وسوف ترون عاقبة هذا كله والي أي مصير مصيركم يكون قال ثم إنه قام وتركهم فلما انصرف القوم ولم يبق عنده إلا بطريق واحد قال له: أيها الملك والله أن القوم لكما تقول وما أظن إلا أننا مغلوبون وأعلم إني رأيت في منامي كان رجالا نزلوا من السماء على خيل شهب فاحدقوا بهؤلاء العرب وعليهم كامل السلاح ونحن وقوف بازائهم فنظرت إليهم ولا يخرج منا أحد إلا قتلوه حتى أتوا على أكثرنا وذكر له كما قال ذاك الأول فأقبل ماهان يفكر طول ليلته فيما يصنع في أمر المسلمين فلما اصبح الصباح عبى المسلمون صفوفهم ونظروا إلى عسكر الروم وإذا فيه ارتعاد وانزعاج فعلموا أن لهم أمرا.

قال أبو عبيدة: دعوهم ولا تبقوا عليهم فإن الباغي مخذول قال واجتمعت البطارقة والملوك الأربعة إلا ماهان وهم قناطر وجرجير والديرجان وقورين وهم أصحاب الجيش يستأذنونه في الحرب فقال ماهان وكيف لي أن أقاتل بقوم يظلمون أن كنتم احرارا فقاتلوا عن سلطانكم وامنعوا عن حريمكم فقالوا: الآن أحببنا الحرب فوحق المسيح لا نفارقهم حتى ننفيهم من الشام إلى بلادهم أو يقتلونا أو نقتلهم فثق بقولنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>