ويقول لهم: ما الذي أصابكم حتى انهزمتم أمام هؤلاء الكفرة وأنتم الحماة البررة وأهل القرآن وعباد الرحمن أما سمعتم قوله عز وجل: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}[الأنفال:١٦] وقال وقال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ}[التوبة: ١١١] وأنتم تهربون فقالوا: يا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم زلة من الشيطان مثل يوم أحد وحنين وها نحن معك فاحمل حتى نحمل معك فجزاهم خيرا ووقف مكانه وكان موقفه مما يلي سعيد بن زيد وقد لزموا مواقفهم لم يتحركوا التماسا للحفيظة ونظر قيس بن هبيرة إلى خيل شرحبيل وقد تراجعت فحمل بمن معه ونادى هو وأصحابه بشعارهم وكان شعارهم يا نصر الله انزل يا منصور أمت أمت وكان هذا شعارهم يوم بدر وأحد وحمل خالد بن الوليد بمن معه ذات اليمين وحمل قيس من ذات الشمال فقاتلوهم قتالا شديدا ولله در الزبير بن العوام وهاشم بن المرقال وخالد بن الوليد لقد حملوا حملة عظيمة حتى قربوا من سرادقات ماهان وتواقعت الروم على سرادقات ماهان وخيامه فلما نظر ماهان إلى ذلك نزل عن سريره هاربا وصاح بالروم وعنفهم فتراجعوا يطلبون القتال وصاح أبو عبيدة بسعيد بن زيد فحمل بمن معه وهو ينادي لا إله إلا الله يا منصور أمت أمت فأقبلوا يقتلون في الروم قتلا ذريعا فبينما المسلمون في حملتهم إذ سمعوا قائلا يقول: يا نصر الله انزل يا نصر الله اقرب أيها الناس الثبات الثبات قال عامر بن أسلم فتأملنا الصارخ فإذا هو أبو سفيان وتحت رايته ابنه يزيد قال وشدت الأمراء بأجمعهم على من يليهم وقاتلوا قتالا شديدا ولم يكن في الروم اثبت من أصحاب السلاسل فانهم ثبتوا في أماكنهم يمنعون من أتاهم وأما الرماة وهم مائة ألف رام فكانوا إذا رشقوا سهامهم نحو العرب يسترون الشمس فلولا النصر والمعونة من الله لكان المسلمون هلكوا وانفصل المسلمون فرحين مستبشرين والمشركون قد هلك أكثرهم وبرز علج من أعلاج الروم كأنه نخلة باسقة وعليه درع مذهب وعلى رأسه بيضة مذهبة وعليها صليب من ذهب مرصع بالجوهر وهو راكب على شهباء وعليه زرد من حديد وبيده رمح فجال وأشهر نفسه وسأل البراز فنظر المسلمون إلى عظم خلقته وهول جثته فجعلوا ينظرون إليه فقال أبو عبيدة: لا يهولنكم ما ترون من خلقته فكم رأيتم من هو عظيم خلقة ولا قلب له فمن له منكم يخرج إليه واستعينوا بالله عليه.
قال فخرج إليه عبد من عبيد العرب وبيده سيفه وحجفته وهو زاجل فلما أراد أن يدنو من العلج صاح به مولاه ذو الكلاع الحميري فلما رجع خرج إليه ذو الكلاع وجال عليه وكان ذو الكلاع من أهل الشدة والبأس فتواقعا وكل منهما رامح فتطاعنا طعنا شديدا أشد من الجمر ثم انهما تجاذبا سيوفهما والتقيا فضرب ذو الكلاع العلج ضربة وضرب العلج ضربة وكان سيف العلج قاطعا وساعده قويا فقطع سيفه درقة ذي الكلاع وسيفه.