للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ودرعه وما تحته من الثياب ووصلت الضربة إلى عضده الايسر فجرحته جرحا بليغا وثقلت: يده فلما نظر ذو الكلاع إلى ما لحقه من العلج عطف بجواده يريد المسلمين ونظر العلج إلى ذي الكلاع سابقا فلم يلحقه حتى لحق بالمسلمين فاتى قومه والدم يفور من جرحه فاجتمع فرسان قومه فقال لهم: يا فرسان حمير إياكم أن تتكلوا في قتالكم على السلاح ومنعته ولكن اتكلوا في قتالكم على الله عز وجل قالوا: وكيف ذلك أيها السيد قال: لاني رددت عبدي عن القتال شفقة عليه إذ ليس معه لامة حرب وقلت: إني أفرس منه وأجود عدة ولامة فصنع بي هذا الأغلف ما ترون والله ما لحقني قبلها في حرب مثلها قط فشدوا جرحه ووقف مكانه ثم إنه صاح بقومه يا رجال حمير أن كان سيدكم قد رجع كلالا فما منكم من يأخذ بثأره فانتدب فارس من فرسان حمير وعليه صبائغ اليمن من الأبراد والحبر كأنه جمرة نار وحمل نحو العلج مصمصما وجال جولة عظيمة وطعنة طعنة أثبتها في صدره فأرداه قتيلا وعجل الله روجه إلى النار فهم الحميري أن ينزل عن جواده ويأخذ سلبه فحمل عليه كردوس من الروم ليكشفوه عنه فردهم الحميري صاغرين ثم رجع إليه وأخذ سلسة وأقبل به على أبي عبيدة فأعطاه إياه فدفع السلب إلى قومه ورجع إلى مقامه في القتال فخرج إليه آخر فقتله وآخر فقتله فخرج إليه علج رابع فقتل الحميري ونزل ليأخذ سلب الحميري فرماه رجل من رماة الأنصار بنبلة فوضعها في لبته فجندله صريعا وعجل الله بروحه إلى النار قال فأنقلبت الروم على وجوهها وهابوا جميع المسلمين وكان ذلك البطريق الذي قتل بالنبلة من عظمائهم ويقال إنه كان صاحب نابلس فصاح بهم ماهان وسكنهم عن اضطرابهم وخرج إلى القتال ملك اللان واسمه مريوس وعليه لامة الملوك وعليه ديباجة وفي وسطه منطقة مرصعة بالجوهر فجال بين الصفين وشهر نفسه وقال أنا ملك اللان فلا يبرز لي إلا أميركم فخرج إليه شرحبيل بن حسنة كاتب وحي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيده لواؤه وعليه درع من حديد وهو ممنطق بمنطقة من الأديم وهو على جواده فقال أبو عبيدة: من هذا الذي خرج قالوا له: شرحبيل بن حسنة فبعث إليه أبو عبيدة يقول له: ادفع الراية لمن شئت واخرج من غير راية فلما سمع ذلك سلم الراية لرجل من قومه وقال له: قف بها موضعي فإن قدر علي فسلم الراية إلى الأمير أبي عبيدة يدفعها لمن يريد وأن رجعت أخذتها فأخذها الرجل وخرج شرحبيل كاتب وحي رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو ملك اللان وهو يقول:

سأحمل في اللئام بني الأعادي

...

بكل مثقف لدن حداد

فيا بؤسا لقيصر يوم نأتي

...

وجمع الروم شرد في البلاد

قال فسمع البطريق شعر شرحبيل فلم يفهمه وكان يفهم قليلا بالعربية.

<<  <  ج: ص:  >  >>