للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقال له: يا عربي ما الذي تقول قال أقول كلاما تقوله العرب عند الحرب تشجع به نفوسها وتثق بوعد الله الذي وعد به نبينا فقال ملك اللان وما الذي وعدكم به نبيكم فقال شرحبيل وعدنا الله أن يفتح لنا الأرض في الطول والعرض ونملك الشام ونكون من الظافرين بنصر الله لنا قال ملك اللان أن الله لا ينصر من يبغي وأنتم تبغون علينا وتطلبون ما ليس لكم بحق فقال شرحبيل نحن قوم أمرنا الله أن نفعل ذلك والأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين وإني أراك تعرف كلام العرب فلو تركت ما أنت عليه من عبادة الصليب ودخلت في دين الإسلام كنت من أهل الجنة وسعدت فقال ملك املان ما أترك دين المسميح أبدا فإن دينه حق فقال شرحبيل لا تقل إنه إله معبود ولا تقل صلب وقتل فإن الله سبحانه وتعالى احياه في الأرض ما شاء ثم رفعه إلى السماء ثم قال ملك اللان لن أرجع عن قولي ثم استخرج صليبا من عنقه فرفعه ووضعه على عينه وأقبل يستنصر به فغضب شرحبيل من فعاله فقال له: يا ويلك تبا لك ولمن معك ولمن يقول بقولك ثم حمل عليه وأخذا في القتال وجالا جولانا عظيما فرمقتهما الأبصار وجعل المسلمون يدعون لشرحبيل بالنصر والمعونة ونظر شرحبيل إلى شدة الكافر ففر بين يديه كأنه منهزم فتبعه عدو الله فلما علم شرحبيل إنه قد قاربه ثنى عنان جواده فطعنه بقناته يريد أن يجعلها في نحره فزاغ المشرك عن الطعنة ونجا منها سالما ثم قال معاشر العرب أنتم لا تدعون الخديعة والمكر فقال شرحبيل ويلك أما علمت أن الحرب خدعة والمكر رأسها فقال العلج فما الذي نفعك من حيلتك قال فتضاربا حتى انقطع السيفان في أيديهما فاعتنقا معانقة شديدة وكان المشرك أعظم جثة وأشد منعة وكان شرحبيل نحيف الجسم من كثرة الصيام والقيام فضغط عليه المشرك ضغطة أوجعه بها وهم أن يقتله في سرجه والفريقان ينظران إليهما قال ضرار بن الأزور فداخلني والله الغيظ فقلت في نفسي: ويحك يا ضرار يقتل هذا العلج كاتب وحي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت تنظر إليه فما يمنعك من نصرته.

قال الواقدي: فخرج ضرار نحوهما يسعى على قدميه كالظبية الخمصاء حتى قرب منهما ولا يعلمان به جميعا وكان في يده خنجر فضرب به العلج من ورائه فأطلع الخنجر من قلبه فسقط العلج قتيلا وخلص شرحبيل من الضغطة قال فلما سقط العلج عن ظهر جواده نزل إليه شرحبيل وسلب ما كان عليه من لامة حربه وركب ضرار جواده وانثنى راجعا هو وشرحبيل نحو المسلمن فهنأ المسلمون شرحبيل وشكروا ضرارا على فعله قال ثم أن شرحبيل أخذ سلب العلج فنازعه ضرار فيه فقال السلب لي وأنا قتلته وقال شرحبيل أنا أخذ السلب فأتيا أبا عبيدة فخاف أبو عبيدة أن يحكم بينهما فلا يرضون بحكمه فكتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: يا أمير المؤمنين أن رجلا خرج إلى البراز وقاتل علجا من الأعلاج وبلغ معه الجهد جهيد فخرج آخر من

<<  <  ج: ص:  >  >>