للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

راجعين نحو تل النساء ولم يثبت غير أصحاب الرايات قال عبد الله بن قرط الاسدي شهدت القتال كله فلم أر قتالا أشد من يوم التعوير ورجعت الخيل على أذنابها وقاتلت الأمراء بأنفسها والرايات بأيديهم حتى كان أبو عبيدة ويزيد بن أبي سفيان وعمرو بن العاص والمسبب بن نجيبة الفزاري وعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق والفضل بن العباس يقاتلون قتالا شديدا قال عبد الله بن قرط فقلت في نفسي: وكم مقدار ما يقاتلون هؤلاء وهم نفر يسير حتى ساعدتنا النساء اللاتي شهدن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشاهد يداوين الجرحى ويسقين الماء ويبرزن إلى القتال ولم أر امرأة من نساء قريش قاتلت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في اليمامة مع خالد مثل ما قاتلت نساء قريش يوم اليرموك حين دهمهن القتال وخالط الروم المسلمين فضربن بالسيوف ضربا وجيعا وذلك في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان قد انضم النساء المهاجرات لغيرهن وقامت الحرب على ساق وتنادى النساء بأنسابهن وأمهاتهن والقابهن وجعلن يقاتلن قتال الموت ويضربن وجوه الخيل بالعمد ويلوحن بالأطفال وجعل النساء بعضهن يقاتل المشركين وبعضهن يقاتل المسلمين حتى رجعوا إلى قتال المشركين وبعضهم يسقي الماء وبعضهن يشد الجراح قال فبينما هن يقاتلن وقد هجمت الرجال إذ انهزمت نساء لخم وجذام وخولان فخرجت خولة بنت الأزور وأم حكيم ابنه حكيم بنت الحرث وسلمى بنت لؤي وجعلهن يضربن في وجوههن ورؤوسهن بالعمد ويقلن اخرجن من بيننا فانتن توهن جمعنا قال فرجعت نساء لخم وجذام يقاتلن قتال الموت وقاتلت أم حكيم بنت الحرث أمام الخيل بالسيف وما نسمع يومئذ صوت واحدة من النساء غير صوت واعظة تعظ وأما أم حكيم فإنها جعلت تنادي يا معاشر العرب احصدوا الغلف بالسيوف وأما أسماء بنت ابي بكر فإنها قرنت عنانها بعنان زوجها الزبير ابن العوام فما كان يضرب إلا ضربت مثله قال فتراجع المسلمون إلى القتال حين رأوا النساء يقاتلن قتال الموت ويقول الرجل لمن يليه: أن لم نقاتل نحن هولاء وإلا فنحن أحق بالخدور من النساء فلله در نساء قريش يوم اليرموك.

قال الواقدي: حدثني عبد الرحمن بن الفضل عن يزيد بن أبي سفيان عن مكحول قال كانت وقعة اليرموك في رجب سنة خمس عشرة من الهجرة قال أبو عامر وحملت خولة بن الأزور على علج من الأعلاج كان قد حمل علينا فاستقبلته وجعلت تشالشه بالسيف فضربها العلج بسيفه على قصتها فأسال دمها وسقطت إلى الأرض فصاحت عفيرة بن عفان حين نظرتها صريعة ونادت فجع والله ضرار في أخته فأخذت راسها على ركبتها والدم قد صبغ شعرها كالشقائق فقالت لها: كيف تجدك قالت: أنا بخير أن شاء الله تعالى ولكني هالكة لا محالة فهل لك على بأخي ضرار فقالت عفيرة: يا ابنة الأزور ما رأيته فقالت خولة: اللهم اجعلني فداء لاخي ولا تفجع به الإسلام قالت عفيرة:

<<  <  ج: ص:  >  >>