يا رسول الله أن قلبي مشغول على المسلمين وما يصنع الله بهم وقد بلغني أن الروم في ألف ألف وستين ألف فقال: يا عمر أبشر فقد فتح الله على المسلمين وقد انهزم عدوهم وقتل كذا وكذا ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلا فَسَاداً}[القصص: ٨٣] الآية قال فلما كان من الغد صلى عمر بالناس صلاة الفجر وأعلم الناس بما رأى في منامه قال فاستبشر المسلمون وفرحوا وعلموا أن الشيطان لا يتمثل بالنبي صلى الله عليه وسلم وأرخوا تلك الليلة فكانت كما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم فسجد عمر لله شكرا ووصله الكتاب فقرأه عمر على الناس فارتفعت أصوات المسلمين بالتهليل والتكبير والصلاة على البشير النذير ثم قال: يا حذيفة فهل قسم أبو عبيدة الغنائم فقال: يا أمير المؤمنين هو منتظر كتابك وأمرك فدعا عمر بدواة وقرطاس وكتب إلى أبي عبيدة كتابا يقول فيه: بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عمر بن الخطاب إلى عامله بالشام سلام عليك أما بعد فاني أحمد الله الذي لا إله إلا هو وأصلي على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وقد فرحت بما فتح الله على المسلمين من نصرتهم وانهزام عدوهم فإذا وصل إليك كتابي هذا فاقسم الغنيمة بين المسلمين وفضل أهل السبق وأعط كل ذي حق حقه واحفظ المسلمين واكلأهم واشكرهم على صبرهم وفعالهم وأقم بموضعك حتى يأتيك أمري والسلام عليك وعلى جميع المسلمين ورحمة الله وبركاته وطوى الكتاب وسلمه لحذيفة ابن اليمان فأخذه حذيفة وسار حتى ورد على أبي عبيدة فوجده على دمشق فسلم عليه وعلى المسلمين وناوله الكتاب فلما قرأه على المسلمين قسم الغنائم فاصاب الفارس أربعة وعشرون ألف مثقال من الذهب الأحمر والراجل ثمانية آلاف وكذلك من الفضة وأعطى الفرس الهجين سهما والفرس العتيق سهمين وألحق القادمين على الخيل بالعراب فلما فعل أبو عبيدة ذلك قال أصحاب الحمر الحقنا بالعراب فقال أبو عبيدة: إني قسمت عليكم بما قسم النبي صلى الله عليه وسلم الغنيمة بين أصحابه فلم يقبلوا قوله فكتب إلى عمر بذلك يعلمه باختلاف الناس في الخيل والهجين والعراب فكتب إليه عمر يقول: أما بعد فقد عملت بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تتعد حكمه فاعظ الفرس العربي سهمين والهجين سهما واعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرب العربين وهجن الهجين يوم خيبر فجعل للهجين سهما وللعربي سهمين فلما ورد الكتاب على أبي عبيدة وقرأه على المسلمين قال: ما أراد أبو عبيدة أن يحقر رجلا منكم ولكن تبعت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الواقدي: فلما قسم أبو عبيدة الغنائم على المسلمين قال له خالد بن الوليد: إن رجلا من المسلمين تشفع بي إليك أن تلحق فرسه الهجين بفرسه العتيق العربي وتعطيه سهمين فابى أبو عبيدة وقال والله أن سف التراب أحب الي من ذلك وروى عثمان أن ابن الزبير قال شهدت جدي الزبير بن العوام يوم اليرموك ومعه فرسان يتعقب عليهما