وحملوا ووضعوا فيهم السيف فقتل مقتلة عظيمة وكان ماهان قد ترجل عن جواده وقيل إنه ترجل ينكر نفسه ويسلم من القتل فأتاه رجل من المسلمين فحامى عن نفسه فقتله الرجل وكان قاتله النعمان ابن جهلة الأزدري وعاصم بن خوال اليربوعي وقد اختلفوا في أيهما قتل ماهان.
قال الواقدي: وخرج أهل دمشق إلى لقاء خالد وقالوا له: نحن على عهدنا الذي كان بيننا وبينكم قال خالد: أنتم على عهدكم ومضى في طلب الروم يقتلهم حيث وجوهم حتى انتهى إلى ثنية العقاب وأقام تحتها يوما ثم مضى إلى حمص ونزل بها وبلغ ذلك أبا عبيدة فسار حتى لحق به فيمن معه قال والأمراء في طلب الروم من كل جهة من الشام ثم اجتمعوا وعادوا إلى دمشق وجمع أبو عبيدة الغنائم واخرج منها الخمس وكتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتاب البشارة والفتح بسم الله الرحمن الرحيم وصلوات الله على نبيه المصطفى ورسوله المجتبي صلى الله عليه وسلم من أبي عبيدة عامر بن الجراح أما بعد فأنا أحمد الله الذي لا إله إلا هو وأشكره على ما أولانا من النعم وخصنا به من كرمه ببركات بني الرحمة وشفيع الأمة صلى الله عليه وسلم وأعلم يا أمير المؤمنين إني نزلت اليرموك ونزل ماهان مقدم جيوش الروم بالقرب منا ولم ير المسلمون أكثر جمعا منه فأقصى الله تلك الجموع ونصرنا عليهم بمنه وكرمه وفضله فقتلنا منهم زهاء من مائة ألف وخمسة آلاف وأسرنا منهم أربعين ألفا واستشهد من المسلمين أربعة آلاف ختم الله لهم بالشهادة ووجدت في المعركة رؤوسا مقطوعة لم أعرفها فصليت عليها ودفنتها وقتل ماهان على دمشق قتله عاصم بن خوال وقد كان قبل وقعة الانفصال نصب عليهم رجل منهم يقال له أبو الجعيد: من أهل حمص حيلة فالقاهم في موضع يقال له الناقوصة فغرق منهم ما لا يحصى عددهم إلا الله تعالى وأما من قتل من المشركين في الأودية والجبال من المنهزمين وغيرهم وأخذت عدتهم فتسعون الفا وقد ملكنا أموالهم وخيولهم وحصونهم وبلادهم وكتبنا إليك هذا الكتاب بعد الفتح ونزلنا في دمشق والسلام عليه ورحمة الله وبركاته وعلى جميع المسلمين وطوى الكتاب وختمه ودعا بحذيفة بن اليمان ودفع الكتاب إليه وضم إليه عشرة من المهاجرين والأنصار وقال لهم: سيروا بكتاب الفتح والبشرى إلى أمير المؤمنين وبشروه بذلك وأجركم على الله فأخذ حذيفة الكتاب وسار هو والعشرة من وقتهم وساعتهم يجدون السير ليلا ونهارا حتى قربوا من المدينة.
قال الواقدي: قال عبد الله بن عوف المالكي عن أبيه قال لما هزم الله الروم في اليرموك وكان من أمرهم ما كان رأى عمر بن الخطاب ليلة هزيمة الروم رسول الله صلى لله عليه وسلم جالسا في الروضة ومعه أبو بكر الصديق رضي الله عنه وكان عمر يسلم عليهما ويقول: