للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رأسه فغاصت في جبهة مالك فشترت عينيه فمن ذلك اليوم سمي بالاشتر قال: فلما رأى مالك ما نزل به من ضربة ماهان عزم على الرجوع ثم فكر فيما عزم عليه فدبر نفسه وعلم أن الله ناصره قال والدم فائر من جبهته وعدو الله يظن إنه قتل مالكا وهو ينظره متى يقع عن ظهر فرسه وإذا بمالك قد حمل وأخذته أصوات المسلمين يا مالك استعن بالله يعينك على قرينك قال مالك فاستعنت بالله عليه وصليت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وضربته ضربة عظيمة فقطع سيفي فيه قطعا غير موهن فعلمت أن الأجل حصين فلما احسن ماهان بالضربة ولى ودخل في عسكره.

قال الواقدي: ولما ولى ماهان بين يدي مالك الاشتر منهزما صاح خالد بالمسلمين يا أهل النصر والباس احملوا على القوم ما داموا في دهشتهم ثم حمل خالد ومن معه من جيشه وحمل كل الأمراء بمن معهم وتبعهم المسلمون بالتهليل والتكبير فصبرت لهم الروم بعض الصبر حتى إذا غابت الشمس وأظلم الافق إنكشف الروم منهزمين بين أيديهم وتبعهم المسلمون يأسرون ويقتلون كيف شاءوا فقتلوا منهم زهاء من مائة ألف وأسروا مثلها وغرق في الناقوصة منهم مثلها وأمم لا تحصى وتفرق منهم في الجبال والأودية وخيول المسلمين من ورائهم يقتلون ويأسرون ويأتون من الجبال بالاسارى ولم يزل المسلمون يقتلون ويأسرون إلى أن راق الليل فقال أبو عبيدة: أتركهم إلى الصباح فتراجعت المسلمون وقد امتلأت أيديهم من الغنائم والسرادقات وآنية الذهب والفضة والزلازل والنمارق والطنافس.

قال الواقدي: ووكل أبو عبيدة رجالا من المسلمين بجمع الغنائم وبات المسلمون فرحين بنصر الله حتى اصبحوا فإذا ليس للروم خبر ووقع أكثرهم في الناقوصة في الليل.

قال عامر بن ياسر حدثني نوفل بن عدي عن جابر بن نصر عن حامد بن مجيد قال أراد أبو عبيدة أن يحصى عدد المشركين فلم بقدر أن يحصي ذلك فأمر بقطع القصب من الوادي وجعل على كل قتيل قصبة ثم عدوا القصب فإذا القتلى مائة ألف وخمسة آلاف والاسارى أربعون الفا غير من غرق في الناقوصة وقتل من المسلمين أربعة آلاف ووجد أبو عبيدة رؤوسا في اليرموك فلم يعلم أهم من العرب أم من الروم قال ثم إنه صلى على قتلى المسلمين وسار في طلبهم إلى الجبال والأودية وإذا هم براع قد استقبلهم فسألوه هل مر بك أحد من الروم قال: نعم مر بي بطريق ومعه زهاء من أربعين ألفا.

قال الواقدي: وكان ذلك ماهان لعنه الله فاتبعهم خالد بن الوليد وجعل يقفو أثرهم ومعه عسكر الزحف فأدركهم على دمشق ولما أشرف عليهم كبر وكبر المسلمون

<<  <  ج: ص:  >  >>