للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنزل الله في الصحف على الأنبياء قال أبو عبيدة: قل: لنسمع فإن كان حقا علمناه وأن كان غير حق لا نسمعه ولا نعمل به وكان اسمه دحداح فقال: أيها الأمير أن الله سبحانه وتعالى أنزل على انبيائه يقول: أنا الرب الرحيم خلقت الرحمة وأسكنتها في قلوب المؤمنين وإني لا أرحم من لا يرحم من أحسن أحسنت إليه ومن تجاوز تجاوزت عنه ومن عفا عفوت عنه ومن طلبني وجدني ومن أغاث ملهوفا أمنته يوم القيامه وبسطت له في رزقه وباركت له في عمره وأكترث له أهله ونصرته على عدوه ومن شكر المحسن على احسانه فقد شكرني وأنا قد أتيناك ملهوفين خائفين فأقل عثراتنا وآمن روعاتنا وأحسن إلينا.

قال فبكى أبو عبيدة من قوله وقرأ: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: ١٩٥] ثم قال اللهم صل على محمد وعلى جميع الأنبياء فبهذا والله أرسل نبينا أرسله الله إلى جميع الخلق والحمد لله على هدايته لنا ثم أقبل على المسلمين وهم حوله وفيهم الرؤساء من المهاجرين والأنصار وقال لهم: الحمد لله على هدايته ثم قال أن هؤلاء أهل متجر وسوقة وضياع وهم مستضعفون وقد رأينا أن نحسن إليهم ونصالحهم ونطيب قلوبهم ومتى كانت المدينة في أيدينا والسوقة معنا فانهم يميروننا بالعلوفة ويعلموننا بما يعزم عليه عدونا ويكونون عونا لنا عليه فقال رجل من المسلمين أصلح الله الأمير أن مدنية القوم بالقرب من القلعة ولا نأمن أن القوم يدلون على عوراتنا ويخبرون بأحوالنا وما أنى القوم ليخدعونا إلا ترى إلى بطريقهم وقد خرج يبغي قتالنا وحربنا فكيف يطلب هؤلاء الصلح منا ولا شك إنهم مكروا بكعب بن ضمرة ومن معه من المسلمين فقال أبو عبيدة: أحسن ظنك بالله وثق بالله فإن الله ينصرنا ولا يسلط علينا عدونا فرحم الله من قال خيرا أو صمت وإذا أشرط عليهم النصيحة في صلحهم للمسلمين ثم اقبل على القوم وقال إني أريد أن تبذلوا في صلحكم ما بذله أهل قنسرين ٢ فقالوا: أيها الأمير أن قنسرين اقدم من مدينتنا وأكثر جمعا ومدينتنا خالية من السكان لجور صاحبنا لانه قد أخذ أموالنا وغلاتنا وأصعد الكل إلى قلعته وما بقي عندنا إلا الضعفاء ومن لا ماله له وأنا نسألك الترفق بنا والعدل فينا والأحسان إلينا فقال أبو عبيدة: فما الذي تريدون أن تبذلوا في صلحكم قالوا: نعطي نصف ما أعطى أهل قنسرين فقال أبو عبيدة: قد قبلت منكم ذلك على أننا إذا نزلنا بصاحبكم اعنتمونا بالميرة والعلوفة وتبيعون وتشترون في عسكرنا ولا تكتموا عنا خبرا تكونون تعلمونه من أعدائنا ولا تتركوا جاسوسا يتجسس علينا وأن رجع إليكم بطريقكم منهزما تمنعوه أن يصل إلى القلعة فقالوا: أيها الأمير أما قولك هذا أن نمنع البطريق أن لا يصعد إلى القلعة فما نجد إلى ذلك من سبيل ولا نقول لك ما لا نفعله ما لنا به طاقة ولا بمن معه من أعوانه وجندوه قال أبو عبيدة: فلا تمنعوه من الصعود إلى القلعة وعليكم عهد الله وميثاقه والإيمان المؤكدة الغليظة أن لا تقولوا: هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>