للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شديد فلم يزل دامس دائرا بهم حول السور إلى أن أتى إلى مكان لم يجد به حسا وإذا بحرسه قد ناموا وراء المكان ولم يروا في السور أقرب منه فقال دامس لأصحابه أنتم ترون هذه القلعة وعلوها وتحصينها وليس فيها حيلة لشدة الحرس ويقظة القوم فما الذي ترون من الرأي أن نصنع بها وكيف الحيلة في الصعود إليها إلى أن نحصل في وسطها فقالوا: يا دامس أن الأمير أمرك علينا وأنت أدرى منا وأجرا جنانا ونحن لك بين يديك فمهما رأيت فيه الصلاح للمسلمين فلا نتأخر عنه ووالله أن قتل نفوسنا وذهاب أرواحنا اسهل علينا من الرجوع بغير فائدة فمنك الأمر ومنا السمع والطاعة فليس منا من يتأخر عنك ولا نموت إلا تحت ظلال السيوف وفي طاعة الله ونصرة دين الإسلام فقال دامس شكر الله فضلكم ورزقكم النصر على اعدائكم فإن كانت هذه نيتكم فالتصقوا بنا إلى هذا المكان قال: وكانوا ثمانية وعشرين رجلا وأثنان كانوا ارسلوهم إلى الأمير يعلمانه بأن يأتي إليهم في الصبح.

فقال لهم دامس: أفيكم من يقدر على الصعود على هذه القلعة فقلنا له يا أبا الهول وكيف لنا أن نرقى إليها وعلى أي شيء نصل إلى أعلاها بغير سلم فقال على رسلكم ثم إنه اختار منا سبعة رجال كالاسد الضواري لو كلفوا حمل ذلك البرج على مناكبهم لما عظم ذلك عليهم ثم جلس على قرافيصه وقال لأحد السبعة: اجلس على منكبي وارم بحيلك إلى الجدار واجلس كما أنا جالس ففعل الرجل ما أمر به وأمر آخر أن يفعل ويصعد على منكبي الآخر وأن يرمي بقوته على الجدار قال ففعل ثم إنه لم يزل يصعد واحد بعد واحد إلى أن صعد الثامن بقوته على الجدار وهم متمسكون به فعند ذلك أمر الأعلى أن يقوم قائما وأن يطرح حيله على الجدار فقام الأول وقام الثاني ثم قام الثالث ثم قام الرابع والخامس والسادس وكل واحد منهم قد طرح نفسه على الجدار ثم قام دامس آخرهم فإذا الأعلى قد وصل إلى شرافة السور وتعلق بها فاستوى على السور ونظر إلى حارس ذلك المكان فوجده نائما وهو ثمل من الخمر فأخذ بيده ورجله ورماه فلما وصل إلى الأرض قطعوه وأخفوا جسده ووجد من أصحابه اثنين سكارى وهم رقود فذبحهم بخنجره ورمى بهم ثم أرخى عمامته لصاحبه ونشله إليه فإذا هو معه على السور وكان دامس قد أعطاه حبلا فبقوا ينشلون به بعضهم إلى أن تكاملوا على السور واصعدوا من بقي معهم على الأرض وكان آخر من صعد أبو الهول فقال لهم: مكانكم حتى أقفوا الخبر واكشف لكم الأثر ثم إنه أتى إلى دار البطريق وهو في وسط القلعة وإذا عنده سادات البطارقة وأكابرهم وهم جلوس وبين ايديهم بواطى الخمر ويوقنا جالس في وسطهم على بساط من الديباج منسوج من الذهب وعليه بدلة من اللؤلؤ ومعصب بعصابة من الجوهر والقوم يشربون والمسك والبخور يفوح عندهم فعاد دامس إلى أصحابه وقال أعلموا أن القوم خلق كثير وأن هجمنا عليهم فلا نأمن الغلبة من

<<  <  ج: ص:  >  >>