للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثرتهم ولكن ندعهم فيما هم فيه فإذا كان وقت السحر هجمنا على يوقنا ومن معه من الملوك نقتلهم بسيوفنا فإذا ظفرنا بهم وذلهم الله لنا وعلى ايدينا فهو الذي نريد وأن كان غير ذلك فيكون الصباح قد قرب ولا شك أن الرجلين من أصحابنا قد أعلما خالد بن الوليد فيأتينا فقالوا: ما نخالف لك امرا ونحن قد صرنا في قلعة هؤلاء الأعداء وليس ينجينا إلا صدق جهادنا والعزم والشدة من قوتنا فقال لهم: مكانكم فلعل أن يفتح الباب قال: وكان للقلعة بابان وبينهما دهليز والبوابون داخلهما والرجال تنام عندهم بالنوبة فلما وصل دامس إلى الباب وجده مغلقا وإذا بالقوم رقود من السكر فعاجلهم بالذبح ثم فتح البابين وتركهما مردودين ورجع إلى أصحابه وقد قرب الفجر فقال لهم: ابشروا فاني قد فتحت البابين وقتلت من كان وراءهما فدونكم والباب فاسبقوهم إليه وخذوه عليهم فقد بقي القوم حصيدا بأسياف المسلمين أن شاء الله تعالى قال: وأرسل من يستعجل خالدا ويبشره بذلك ثم أرسل خمسة من أصحابه يمسكون الباب وأخذ الباقين ومشى نحو دار يوقنا فصاحوا عليه ووقع الصياح في القلعة فرجعوا بأجمعهم إلى الباب وأخذ كل واحد منهم مكانا يحميه فعندها جاءت الأبطال وصاحت الروم ويلاه كيف تمت علينا هذه الحيلة وصرخ يوقنا بأصحابه فأتوا من كل جانب فعندها كبر المسلمون ونادوا بلسان واحد الله أكبر فخيل للروم أن القلعة ملآنة منهم قال ابن أوس وقاتلت الروم قتالا شديدا وأما المسلمون فكانوا كالاسد الضارية فما رأيت أقوى بأسا ولا أشد مراسا من دامس أبي الهول في ذلك اليوم فلقد عددنا في بدنه بعد ما انفصلنا ثلاثة وسبعين جرحا كلها في مقدم بدنه قال فبينما نحن في أشد القتال ونحن يحمي بعضنا بعضا وقد بقي منا ثلاثة وعشرون وقتل منا أربعة وهم أوس بن عامر الحزمي من بني حزم وأبو حامد بن سراقة الحميري والفارع بن مسيب التميمي وفزارة بن مراد العوفي.

قال الواقدي: لقد حدثني نوفل بن سالم عن جده غويلم بن حازم وكان ممن صحب دامسا في قلعة حلب قال لما قتل من قتل منا وقد قتل أيضا ملاعب بن مقدام بن عروة الحضرمي وكان ممن حضر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديبية وتبوك ومرارة بن ربيعة العامري وهلال بن أمية وهو ابن أخي كعب الذي تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تبوك وأنزل الله فيه ما أنزل قال: وبقينا عشرين رجلا وتكاثرت الروم علينا في أزيد من خمسة آلاف وهم سد من حديد قال: ونحن قد أيسنا من الحياة إذ دخل علينا خالد بن الوليد ومعه جيش الزحف فوجدنا ونحن في أشد ما يكون من القتال فلما دخلوا علينا صاح فيهم خالد فجفلت الروم عنا قال أوس فلما رأيناهم كذلك وانفرج عنا ما كنا فيه اشتدت قلوبنا فعندها كبرت المسلمون ودخل ضرار وأمثاله يضربون رقابهم فلما رأى الروم ذلك وعلموا إنهم لا طاقة لهم بما وقع بهم ألقوا

<<  <  ج: ص:  >  >>