للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه وكنت يوم حرب دمشق في القلب وشاهدنا ما جرى بين خالد وعزازير لما ولى هاربا وقصر جواد خالد عن طلبه فوقع في قلبه الطمع وقال كان البدوي خاف مني ومالي إلا أن أقف حتى يلحقني وآخذه أسيرا ولعل المسيح ينصرني عليه فلما وقع ذلك في نفسه وقف حتى لحق به خالد وقد جلل فرسه العرق فلما قرب منه صاح عزازير وقال: يا عربي لا تظن إني هارب خوفا منك وإنما أبقيت عليك خوفا على شبابك فارحم نفسك وأن أردت الموت أسوقه إليك أنا قابض الأرواح أنا ملك الموت فعند ذلك ترجل عن جواده وسحب السيف وسار إليه كأنه الاسد الضاري.

فلما نظر عزازير إلى ذلك والى ترجل خالد زاد طمعه فيه وحام حوله وهم إليه يريد أن يعلو رأسه بالسيف فزاغ خالد عنها وصاح فيه وضرب قوائم فرسه بضربة عظيمة فقطعها فسقط عدو الله على الأرض ثم ولى هاربا يريد أصحابه فسبقه خالد وقال: يا عدو الله أن الذي تسميت باسمه قد غضب عليك واشتاق إليك وها هو قد اقبل عليك يقبض روحك ليؤديك إلى جهنم ثم هجم عليه وهم أن يجلد به الأرض ونظرت الروم إلى صاحبها وهو في يد خالد فهموا أن يحملوا على خالد ويخلصوه من يده إذ قد أقبلت جيوش المسلمين وأبطال الموحدين مع الأمير أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه كان قد سار من بصرى فوجدوه وقد أخذ عزازير في تلك الساعة فلما نظرت عساكر دمشق إلى جيوش المسلمين قد أقبلت داخلهم الجزع والفزع فوقفوا عن الحملة قال حدثني عمر بن قيس عن شعيب عن عبد الله عن هلال القشعمي قال: لما قدم الأمير أبو عبيدة سأل عن خالد فقالوا: إنه في ميدان الحرب وقد اسر بطريق الروم فدنا أبو عبيدة إليه وهم أن يترجل فأقسم عليه خالد أن لا يفعل وأقبل عليه وصافحه وكان أبو عبيدة يحب خالدا لمحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو عبيدة لخالد: يا أبا سليمان لقد فرحت بكتاب أبي بكر الصديق حين قدمك علي وأمرك علي وما حقدت في قلبي عليك لاني أعلم مواقفك في الحرب فقال خالد: والله لا فعلت أمرا إلا بمشورتك ووالله لولا أمر الإمام طاعة لما فعلت ذلك أبدا لانك اقدم مني في دين الإسلام وأنا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت قال: فيك أبو عبيدة أمين هذه الأمة فشكره أبو عبيدة وقدم لخالد جواده فركبه وقال خالد لأبي عبيدة: اعلم أيها الأمير أن القوم قد خذلوا ووقع الرعب في قلوبهم وأهينوا بأخذ كلوس وعزازير قال: وسار مع أبي عبيدة يحدثه بما صار من البطريقين وكيف نصره الله عليهما إلى أن أتيا الدير فنزلا هناك وأقبل المسلمون يسلم بعضهم على بعض فلما كان الغد ركب الناس وتزينت المواكب وزحف أهل دمشق للقتال وقد أمروا عليهم صهر الملك هرقل ولما أقبلوا قال خالد لأبي عبيدة: أن القوم قد انخذلوا ووقع الرعب في قلوبهم فاحمل بنا على القوم قال أبو عبيدة: افعل قال فحمل خالد وحمل أبو عبيدة وحمل المسلمون على عساكر الروم حملة عظيمة وكبروا.

<<  <  ج: ص:  >  >>