بأجمعهم فارتجت الأرض من تكبيرهم ووقع القتل في الروم وجاهد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جهادا عظيما وذهلت منهم الكفار قال عامر بن الطفيل لقد كان الواحد منا يهزم من الروم العشرة والمائة قال فما لبثوا معنا ساعة واحدة حتى ولوا الأدبار وركنوا إلى الفرار وأقبلنا نقتل فيهم من الدير إلى الباب الشرقي فلما نظر أهل دمشق إلى انهزام جيشهم أغلقوا الأبواب في وجه من بقي منهم قال قيس ابن هبيرة رضي الله عنه فمنهم من قتلناه ومنهم من أسرناه فلما رجع خالد عنهم قال لأبي عبيدة: أن من الرأي أن أنزل أنا على الباب الشرقي وتنزل أنت على باب الجباية فقال أبو عبيدة: هذا هو الرأي السديد.
قال: حدثنا سهل بن عبد الله عن أويس بن الخطاب أن الذي قدم مع الأمير أبي عبيدة من المسلمين من أهل الحجاز واليمن وحضرموت وساحل عمان والطائف وما حول مكة كان سبعة وثلاثين ألف فارس من الشجعان وكان مع عمرو بن العاص تسعة آلاف فارس والذين قدم بهم خالد بن الوليد رضي الله عنه من العراق ألف فارس وخمسمائة فارس فكان جملة ذلك سبعة وأربعين ألفا وخمسمائة غير ما جهز عمر بن الخطاب في خلافته وسنذكر ذلك إذا وصلنا إليه أن شا الله تعالى هذا وأن خالدا نزل بنصف المسلمين على الباب الشرقي ونزل أبو عبيدة بالنصف الثاني على باب الجابية فلما نظر أهل دمشق إلى ذلك نزل الرعب في قلوبهم ثم أن خالدا أحضر البطريقين بين يديه وهما كلوس وعزازير فعرض عليهما الإسلام فأبيا فأمر ضرار بن الأزور أن يضرب عنقيهما ففعل قال فلما نظر أهل دمشق ما فعلوا بالبطريقين كتبوا إلى الملك كتابا يخبرونه بما جرى على كلوس وعزازير وقد نزلت العرب على الباب الشرقي وباب الجابية وقد نزلوا بشبانهم وأولادهم وقد قطعوا أرض البلقاء وأرض السواد ووصفوا له ما ملك العرب من البلاد فأدركنا وإلا سلمنا إليهم البلد ثم سلموا الكتاب إلى رجل منهم وأعطوه أوفى أجرة وأدلوه بالجبل من أعلى الاسوار في ظلمة الأعتكار.
قال الواقدي: وأن الرجل وصل إلى الملك هرقل وهو بأرض انطاكية فاستأذن عليه فأمر له بالدخول فلما دخل سلم الكتاب إليه فلما قرأه الملك رماه من يده وبكى ثم إنه جمع البطارقة وقال لهم: يا بني الأصفر لقد حذرتكم من هؤلاء العرب وأخبرتكم إنهم سوف يملكون ما تحت سريري هذا فاتخذتم كلامي هزوءا وأردتم قتلي وهؤلاء العرب خرجوا من بلاد الجدب والقحط وأكل الذرة والشعير إلى بلاد خصبة كثيرة الاشجار والثمار والفواكه فاستحسنوا ما نظروه من بلادنا وخصبنا وليس يزجرهم شيء لما هم فيه من العزم والقوة وشدة الحرب ولولا إنه عار علي لتركت الشام ورحلت إلى القسطنطينية العظمى ولكن ها أنا أخرج إليهم وأقاتلهم عن أهلي وديني فقالوا: أيها.