للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأسي قال لي الوزير: يا أخا العرب أوصل أصحابك إلى نصرة الملك فقلت نعم وها هم في دير الجبل المقطم قال فلما سمع الملك ذلك أمر من حجابه اناسا أن يمضوا إلى لقائهم وسرت في جملتهم وأخذوا معهم الجنائب وأظهروا زي الفراعنة وخلع على نصر بن ثابت عوض بشارته وساروا إلى لقاء المتنصرة.

قال: حدثنا عسكر بن حسان بن رفاعة بن وس عن موسى بن عون عن جده نعيم بن مرة قال كنت فيمن وجه عمر بن الخطاب من أهل نخلة وكان خالد يحبني ويقربني لأن أبي كان يسافر له ببضاعة إلى سوق بصرى قال فلما رأى خالد أصحاب الملك قد أتوا قال لي خالد: يا ابن مرة أريد أن أوصيك فقلت بماذا قال اعلم أن العدو قد أرسل يلاقينا وهو يظن أننا من متنصرة العرب ولا شك أن عمرو بن العاص ومن معه تجفل قلوبهم منا وأريد أن تنزل عن فرسك وتكمن خلف هذه الحجارة فإذا خلا لك الطريق فانسل نحو عسكر المسلمين وحدثهم بأمرنا وما قد عزمنا عليه من غدر القوم فإن عمر لا يطمئن لغيرك وأقرئه سلامي وقل له يكن على أهبة فإذا سمع تكبيرنا يأمر أصحابه أن يرفعوا أصواتهم بالتهليل والتكبير فإن ذلك مما يزيد في رعب أعدائنا فقال: نعم قال: وفعلت كما أمرني خالد ونزلت عن فرسي وأسلمتها لغلامي دارم ومضيت نحو الجبل وكمنت بين الأحجار.

قال الراوي: وإن خالد أمر أصحابه بلبس الخلع التي أرسلها لهم ابن المقوقس فلبسوها فوق دروعهم ولبس رفاعة بن قيس وبشار بن عون أحسنها وغير خالد زيه والمقداد وعمار ومالك الاشتر قال فلما وصل مقدم جيش القبط قال خالد لرفاعة وبشار: ترجلوا له واصقعوا بين يديه وصلبوا على وجوهكم فليس عليكم في ذلك حرج واحلفوا بالمسيح والسيدة مريم وإياكم والغلط بأن تذكروا محمدا صلى الله عليه وسلم فيظن القوم بنا واجعلوا الجهاد نصب أعينكم وتوكلوا على الله في جميع أموركم قال ففعلوا ما قال لهم خالد: وترجلوا عند رسول القبط وصقعوا.

قال: حدثنا نصر بن عبد الله عن عامر بن هبار قال: يا عم اعلم أن الله إذا أراد أمرا هيأ أسبابه وذلك أننا لما أشرفنا على اول ديار مصر نزلنا على دير يقال له دير مرقص: وكان ديرا عامرا بالرهبان فلما نزلنا عليه أشرف علينا أهله وقالوا: من أنتم قلنا نحن من أصحاب الملك هرقل ملك الشام وقد جئنا لنصرة صاحبكم فإنه قد أرسل الينا يستنفرنا لأجل هؤلاء العرب قال ففرحوا بنا ودعوا لنا وكان كبيرهم والمقدم عليهم في دينهم شيخا كبيرا وكان من قسوس الشام وكان من أعلم القوم بدينهم وأعرف الناس بآل غسان وكانت الضيحا قد أقطعها هرقل للملك جبلة ابن الأيهم وكان قد جعل على جبايتها ولد هذا القس وكان اسمه نونلس وإن المسلمين لما فتحوا بعلبك وحمص هرب هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>