للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلبانا كثيرة فأخذها خالد ودفعها لرفاعة بن قيس وبشار بن عون وتزيوا بزي الذين قتلوهم من آل غسان وارتحل خالد بعد ما وكل بالدير عشرة من أهل وادي القرى لئلا يخرج أحد بأخبارهم ويقربوا للملك بذلك قال: وعدنا إلى سياق الحديث فلما أشرف أصحاب ابن المقوقس عليهم راوهم وقد لبسوا خلع الملك وعلقوا الصلبان وشدوا الزنانير ورفعوا صليبا من فضة كان قد أخرجه لهم القس فلما صقعوا للحجاب ركبوا وساروا حتى وصلوا إلى سرادق الملك فترجلوا وقد أخذوا لهم اذنا فأذن لهم فدخلوا ودخل أولهم رفاعة وبشار ومن معه وخدموا الملك وسجدوا له ولم يدخل خالد ومن معه ووقفوا مع بقية العرب خارج السرادق وإن الملك لما رآهم قال لهم: يا معاشر العرب أنتم تعلمون محبتنا لكم وتقريبنا لكم وقد طلبتم أن تكونوا لنا عونا على هؤلاء العرب فإن نصحتم لنا في دولتنا شاركناكم في مملكتنا وقاسمناكم في ملكنا ونعمتنا فقال له رفاعة: أبشر أيها الملك سوف ترى ما نبذله في محبتك يوم الحرب قال فخلع عليه وخرج من عنده وأمرلهم بخيام تضرب في عسكرهم.

قال: حدثنا عامر بن أوس عن جرير بن صاعد عن نوفل بن غانم عن سهل بن مسروق قال لما قدم الجيش الذي وجه عمر بن الخطاب مع رفاعة وبشار وكان من أمرهم ما ذكرناه ونظر إليهم عمرو بن العاص ومن معه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اقبلوا ينظرون إليهم والى زيهم فقال معاذ لعمرو ما هؤلاء من المتنصرة وإن نفسي تأبى ذلك فقال عمرو والله يا أبا عبد الرحمن لقد نظرت بنور الله وانني نظرت فيهم واحدا واحدا ورأيتهم بزي وادي القرى وزي الطائف فقال شرحبيل بن حسنة وأنا نظرت أعجب من ذلك أني رأيت خالد بن الوليد في جملتهم ولاحت لي عمامته وقلنسوته وثيابه التي كانت عليه يوم دخول طرابلس فقال يزيد بن أبي سفيان أنا والله رأيت مالكا الاشتر النخعي وعرفته بطول قامته وركبته على فرسه ثم قالوا: لا بد أن ينكشف لنا خبرهم على جليته فهم في الحديث إذ قد اتاهم نعيم بن مرة فلما رأوه تهللت وجوههم فرحا وسرورا فلما وصل إليهم وسلم عليهم وحدثهم بالحديث كله سجدوا لله شكرا وقال بعضهم لبعض ايقظوا هممكم وكونوا على يقظة من أمركم فإذا سمعتم التكبير في عسكر العدو فبادروا إليهم قال ابن اسحق: ولله في خلقه تدبير وذلك أنه لما جن الليل جمع أرسطوليس بن المقوقس أرباب دولته وقال لهم: قد ضاق صدري من هؤلاء العرب وقال لهم: قد غلا السعر عندنا لأن أهل البلاد قد أجلت من خوفهم وإن خيلهم تضرب إلى الريف من هذا الجانب والى الصعيد من هذا الجانب والنوبة والبجاوة ما يأتينا منهما أحد للفتنة التي هي بينهم والرأي عندي أن نحارب هؤلاء العرب صبيحة عيدهم قالوا: أيها الملك هذا هو الرأي فقال أخرجوا السلاح وفرقوه على من ليس معه سلاح هذا ما جرى عنده وليس عنده خبر بما جرى في قصره بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>