في وسط القبة فأخذهم خالد فلما رآه الموبذان ارتعدت فرائصه وخاف فقال خالد: إن صدقتموني أمنتكم وإن لم تصدقوني رميت رقابكم فقال الغلام: أنا أصدقك أنا ولد الموبذان وكنت عند الملك في اسكندرية وقد أنفذ معي خمسمائة فارس عونا لأبي وحفظا لهذه المدينة فنحن في الطريق وإذ قد جاءتني الجواسيس بأنكم نازلون على البلد فأوقفت العسكر وأتيت إلى هذه القبة فقال له خالد: وما الذي تريد من هذه القبة ألكم فيها سلاح أم مطلب فيه مال قال: لا قال فما تريد منها قال الغلام أن أمنتني قلت لك الحق.
فقال له خالد: قد أمنتك على نفسك فقبل يده وقال: يا مولاي أريد أمانا لأبي ومن يلوذ به فأعطاه فقال اعلم أن هذه القبة على سرب والسرب ينتهي إلى دار الامارة ودار الامارة في وسط المدينة قال فلما سمع خالد ذلك تهلل وجهه فرحا وسرورا وقبض على الغلام وعلى الخادمين وأمرهما مع واحد آخر ممن معه أن يفتحوا السرب ففتحوه فأرسل هماما إلى العسكر وأمره بأن يأتي بهم في السرب وإن يأتوا معهم بالنار والزيت والقناديل وإن يسرع بذلك وكان ذلك التل عاليا والذين في المدينة لا ينظرون ما وراءه فلما أقبل همام بما طلبه خالد أوقدوا المسارج ونزلوا في السرب وابن الموبذان أمامهم فوصلوا إلى الباب وإذا برينا عند الباب تريد فتحه ليوقنا ومن معه فلما سمعت حسهم قالت من أنتم فقال خالد لابن الموبذان: كلمها فقال أنا فلان بن الموبذان افتحي ولا تعلمي أبي قال: فلم يبق لها بد أن تفتح الباب ففتحت فصعد خالد ومن معه فقبضوا على رينا فقالت لهم يا قوم دعوني فإني أردت أن أخلص أصحابكم وجئت لأفتح لهم هذا الباب وأنذلهم اليكم وتملكوا هذه المدينة من ههنا وقد أتى بكم رب العالمين وأنا رينا أخت مارية زوجة نبيكم فلما سمع خالد فرح وقال لها وأين أصحابنا فأتت بهم عندهم فحلوا وثاقهم وأتوا إلى دار الامارة فوجدوا الموبذان لا يشعر بنفسه من الخمر فوكل به جماعة وأمر الباقي أن يملكوا السور وقبضوا على الحرس ونزلوا إلى الأبواب وكان لها بابان فكسروا أقفالهما وفتحوهما وأرسل إلى بقية العسكر فدخلوا المدينة والكل في حالك الليل فلما أصبح الصباح استيقظ الموبذان ومن معه وإذا بالمسلمين حولهم وكل من في المدينة قد أسر فقال له خالد: يا عبد الله لولا أني أعطيت ولدك الأمان كنت قتلتك شر قتلة ولكن خذ أهلك وانصرف فاننا قوم إذا قلنا قولا نعمل به وفهم الموبذان أن ولده قد دلهم على السرب فلما خرج الموبذان بأهله قال ولده لخالد: يا مولاي أن أنا مضيت معه قتلني ولست أريد بغيركم بدلا وأنا أقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله فقال له خالد: أن قصر أبيك وما فيه لك وعرض خالد الإسلام على أهل مريوط فأسلم أكثرهم ثم أن خالدا قال ليوقنا رحمه الله أبشر من الله.