بالرضوان والغفران والثواب فبصبرك على الشدائد فتح الله علينا هذه المدينة فقال: والله ما فتحها إلا بفضله وببركة نبيه صلى الله عليه وسلم فكتب إلى عمرو بن العاص يبشره بفتح مريوط ونحن معولون على الدخول إلى اسكندرية وأرسل الكتاب إليه.
قال ابن اسحق: وأقام خالد بمريوط لأجل ذي الكلاع الحميري لانه مرض معه وكان مرضه شديدا فجلسوا عنده شهرا ولم يفارقه خالد فقدر الله له بالوفاة فحزنوا عليه حزنا شديدا عظيما فكان ذو الكلاع ملك حمير وكان قبل دخوله في الإسلام يركب له اثنا عشر ألف مملوك سود سوى غيرهم قال أبو هريرة الدوسي رضي الله عليهم ولقد رأيته بعد تلك الحشمة يمشي في سوق المدينة وعلى كتفه جلد شاة لما قدم من اليمن إلى الجهاد في أيام أبي بكر الصديق رضي الله عنه فلما مات رثاه ولده تنوخ بما رثى به حمير أباه سبأ بن يشجب في الزمن المتقدم وهو.
عجبت ليومك ماذا فعل. ... وسلطان عزك كيف انتقل.
وسلمت ملكك ذا طائعا. ... وسلمت للامر لما نزل.
فيومك يوم رفيع النزال. ... ودورك في الدهر دور رحل.
فلا يبعدنك فكل امرىء. ... سيدركه بالسنين الاجل.
لئن صحبت نائبات الزمان. ... وشت مع الدهر وجه الامل.
لقد كنت بالملك ذا قوة. ... لك الدهر بالعز عان وجل.
بلغت من الملك أقصى المدى. ... نقلت وعزك لم ينتقل.
فطحطحت آفاقه والمدى. ... وجئت من العرب حول الدول.
حويت من الدهر اطلاقه. ... ونلت من الملك ما لم ينل.
وحملت عزمك ثقل الامور. ... فقام بها حازم واستقل.
صحبت الدهور فهنأتها. ... وما مر عيشك فيما فعل.
بنيت القصور كمثل الجبال. ... ذهبت فلم يبق إلا الطلل.
نعمنا بأيامك الصالحات. ... ومشربنا بك وبل وطل.
تؤمل في الدهر أقصى المنى. ... ولم تدر بالامر حين نزل.
فزالت لعزمك شم الجبال. ... ولم يك حزمك فيها هبل.