من قتل ومالك أول ما نهب وقال له شيعا: خذلك الله ولعنك كل من في اسكندرية يعلم إنك كنت أولا فقيرا لا تقدر على شيء من أمور الدنيا وقد آتاك الله من فضله ووسع عليك رزقه فقال الست ورثته عن آباء كرام وأجداد عظام وما لله علي من فضل قال فغضب قيس وقام إليه وقمعه بمقرعة كانت معه وقال له: كذبت يا عدو الله ورسوله الفضل والحمد والمنة لله لأنه رزقنا من فضله وأسبغ علينا من نعمه: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا}[النحل: ١٨] ثم قال قيس اللهم أنه جحد نعمتك فأزلها عنه قال فوالله ما مضى يومه حتى جاء الخبر بان أغنامه قد هلكت جميعا وبساتينه يبست ودياره قد تهدمت وأمواله ذهبت قال قيس الله أكبر هذا والله حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو هريرة بجانبي قال: "أن ثلاثة من بنى اسرائيل كان أحدهم أبرص والآخر أقرع والآخر أعمى فبعث الله إليهم ملكا فأتى الأبرص فقال له: أي شيء أحب اليك فقال الجلد الحسن والابل فأتى الأقرع فقال له: أي شيء أحب اليك قال الشعر الحسن والغنم وأتى الثالث فقال له: أي شيء أحب اليك فقال النظر والبقر قال ثم أن الملك مسح بيده على جلد الأبرص فعاد أحسن جلدا وأعطاه ناقة عشراء فبارك الله له فيها حتى ضاقت بابله الديار وأما الأقرع فأتاه ومسح بيده على رأسه فأنبت الله له شعرا حسنا وأعطاه نعجة عشراء فتوالدت إلى أن ضاقت بها تلك الديار ثم أتى الأعمى ومسح بيده على عينيه فعادتا أحسن عينين وأعطاه بقرة عشراء فتوالدت إلى أن ضاقت بها تلك الديار قال ثم أتاهم ليمتحنهم فأتى الأبرص فقال له: كنت أبرص فقيرا لا تملك شيئا فأعطني مما آتاك الله من هذه الابل ناقة أتسبب عليها فقال له: ما كنت فقيرا ولا أبرص وإنما ورثت هذا المال من آبائي قال فذهب إلى الأقرع وقال له: مثل ما قال للأبرص فقال مثل ما قال الأبرص فذهب إلى الثالث وقال له: مثل ما قال لصاحبيه فاجاب وقال بسم الله والله لقد صدقت فاذهب إلى هذا البقر فاقسمها بيني وبينك فقال له: بارك الله لك في مالك وقد رد الله صاحبيك كما كانا فانهما كفرا نعمة الله".
قال الراوي: وجمعوا المال ومضوا به إلى خالد وبنى فيها المساجد وأخذ كنيستهم العظمى فجعلها جامعا وترك لهم أربع كنائس وكتب إلى عمرو بن العاص يعلمه بفتح اسكندرية ففرح وركب وترك موضعه أباذر الغفاري وذهب إلى الاسكندرية وبني فيها جامعا في الربض وهو معروف بجامع عمرو إلى يومنا هذا.