أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: ١١٠] ونحن نجريكم على أحسن عوائدنا مع سائر من فتحنا بلادهم وقد أمسكنا عنكم ولو أردنا أن نملك البلد بالسيف لهان علينا ولكن خير الناس من قدر وعفا ونريد منكم مائة ألف مثال ذهبا صلحا عن أنفسكم وأهاليكم وندعوكم بعد ذلك إلى الإسلام فمن أجاب منكم كان له ما لنا وعليه ما علينا ومن عدل عن ذلك أخذنا منه الجزية عن السنة الآتية من كل رجل وغلام بلغ الحلم أربع دنانير ونشرط عليكم شروطا أن لا تركبوا دابة ولا تعلموا دوركم على دور المسلمين ولا ترفعوا أصواتكم عليهم ولا تبنوا كنيسة ولا صومعة ولا ديرا ولا تجددوا ما دثر وتلقوا المسلمين بالذل والانكسار وتسارعوا في قضاء حوائجهم وما يريدون في اصلاح شأنهم لا تعدلوا عن تعظيم أهله ومن أذنب منكم ذنبا حددناه ومن ارتد عن قولنا قتلناه وإن تشدوا الزنانير على خصوركم اظهارا لدينكم وإن لا تظهروا ناقوسا ولا صليبا ولو آمنتم بالله ورسوله لكان خيرا لكم فقالوا: فقالوا: أيها الأمير مانترك ديننا فقرأ: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ، وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ، وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ، نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ}[لقمان: ٢١, ٢٤] فقالوا: أيها الأمير نريد أن تولي علينا رجلا منا حتى يجمع المال الذي تقرر علينا فيلمه بالعدل وليمكن معه رجل منكم من اصحابكم فقال خالد: أني لا أعرف أحدا من أجاويدكم فاختاروا لأنفسكم برضاكم من أوليه عليكم فأشاروا إلى رجل منهم اسمه شيعا بن شامس وكان مقدما في القبط فولاه خالد على جمع المال ورياسة البلد وندب معه قيس بن سعد وأوصاهم وقال خذوا من كان واحد ما يحتمل حاله ومن كان معسرا ضعيفا فدعوه واحسنوا أن الله يحب المحسنين ولا تظلموا يتيما ولا فقيرا ولا أرملة فتعجب القبط من حسن وصيته وكلامه فدخل القوم واجتمعوا في دار الامارة وبعث شيعا غلمانه يجمعون الناس.
قال: حدثنا جرير بن عاصم عن نعيم بن موسى الداراني عن سليمان بن عوف عن جده مازن بن سعيد قال: وقع القسط على أهل اسكندرية فكان أكبرهم في الحشمة وأغزرهم في المال يزن عشرة قراريط وأوسطهم حالا يزن قيراطين ولقد أتى برجل من أغنيائهم اسمه براس لا يدري ما يملك من المال والدبش والغنم وكان أبخل أهل زمانه فقال له شيعا: قد وجب عليك في هذا المال دينار قال: وحق المسيح ما أنا بالذي يؤديه ولو مت وإن تصدقت به كان أفضل من عطيتي للعرب فقال له قيس بن سعد: أن في الذي نأخذه منكم صونا لأنفسكم وحفظا لدمائكم ونحن ما نأخذه على وجه الصدقة منكم بل نأخذه حلالا لا حراما يا ويلك لو دخلنا مدينتكم بالسيف ألست كنت أنت أول.