للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذل متعثرين لأنه ما عدا أحد على أهل هذا الدين إلا ذلك وانهزم لاننا قوم لنا الكنائس الأربع والصوامع والبيع والقسوس والرهبان والمذابح والقربان والانجيل والصلبان ثم سكت عن كلامه.

قال الراوي: وكان هو الملك بن المقوقس فكان أول من بادر إلى رد جوابه شرحبيل بن حسنة كاتب وحي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: لقد افتخرت بما يؤدي صاحبه إلى البوار ويعقبه سوء الدار يا ويلكم أفتفتخرون علينا بالشرك والطغيان وعبادة الصلبان والكفر بالرحمن ونحن أولو التقى والإيمان والفوز والرضوان والقبلة والقرآن والحج والاحرام والصلاة والصيام والاجتهاد والاحترام ديننا أفضل الاديان ونبينا المبعوث بالمعجزات والبيان وبالآيات والبرهان والمنزل عليه القرآن ومن اتبعه نال من ربه الغفران ومن جحد صحبته باء بغضب الملك الديان الذي كان ولا مكان ولا دهر ولا زمان ولا وقت ولا أوان شهد لنفسه بالربوبية ولصفاته بالأزلية ولذاته بالأحدية ولملكه بالأبدية سلطانه قاهر وكرمه ظاهر وتدبيره محكم وقضاؤه مبرم وعرشه رفيع وصنعه بديع وليس بوالد ولا مولود ولا لذاته حد محدود ولا لبقائه أجل معدود خضعت الأعناق لعظمته وخشعت الاصوات لهيبته وعنت الوجوه لعزته وذلت الاقوياء لقوته لا يحصى نواله ولا يفني كماله ولا تبيد نعمه وافضاله يا ويلكم كيف طاب لكم الكفر بالهيته والاشراك بربوبيته وإن تجعلوا له ولدا من خلقه وبريته وتسجدون للصلبان في دار مملكته ولا تفزعون من عظمته ثم إنه قرأ: {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ، حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ، وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [فصلت: ١٩, ٢١] ثم قال شرحبيل أن لله عبادا لو أقسموا على الله أن يدكدك لهم هذا السور لفعل وكانت اشارته إلى سور المدينة فغار السور في الأرض وبانت المنازل والدور قال فارتعدت فرائص الملك لما عاين ذلك من عظيم القدرة فلوى عنان جواده إلى عسكره وأفئدتهم قد طارت وأفكار القبط قد حارت فلما جن الليل أخذ الملك خزائنه وأمواله وحريمه وعياله وركب في المراكب وسار يريد جزيرة أقريطش فلما أصبح الصباح وقع الصايح بالمدينة بأن الملك قد انهزم فاجتمع الأكابر وقالوا: أن الملك قد انهزم وما لنا من يدفع هؤلاء العرب قال: فخرجوا بأجمعهم إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ووقفوا بين يدي خالد وقالوا: أن الله قد نصركم بحق وأيدكم بصدق وإنا نريد منكم أن تعاملونا بالنصفة وتنظروا الينا بعين الرحمة والعدل سنة من كان قبلنا معكم من الروم فقال خالد: ما فعل ملككم قالوا: وانهزم بأهله وماله في البحر فقال قوم: قد أسكن الله الرحمة في قلوبنا وبصرنا بمعالم ديننا وأظهرنا على أعدائنا وفضلنا على سائر من كان قبلنا من الأجناس فقال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>