ضرار وشاكر ونوفل وراجح وعاصم وفارس وعروة وسهل وعمير وكعب وسعيد ويزيد وصعصعة وغيرهم وأمرهم بالمسير إلى دمياط وأمر عليهم المقداد بن الأسود الكندي فساروا إلى البرلس ودمياط كان بها خال الملك المقوقس وكان عسكره اثني عشر ألفا وكان قد حصن البلد وجمع فيها من آلة الحصار من الزاد وغيره قال فلما أشرف عليه الصحابة ونظر إلى قلتهم ضحك وقال أن قوما ينفذون الينا منهم أربعين ليملكوا بلدنا لفي عجز وقلة عقل قال: وكان ولده الأكبر فارسا مشهورا في جميع بلاد النيل وكان اسمه هريرا وكان يثق به وبشجاعته وبراعته وليس في عينيه الفرسان شيئا فلما رأى الصحابه وهم أربعون قفز إليهم وهو لابس لامة حربه وطلب البراز فخرج إليه ضرار بن الازور وحمل عليه فطعنه فقتله وحمل على عسكر دمياط فالجأهم إلى حيطان البلد وهو كأنه النار في الحطب فاستعاذ منه الجيش ثم أن خال الملك وكان اسمه البامرك اجتمع بأرباب دولته وقد صعب عليه قتل ولده وكان عندهم حكيم يثقون به وبرأيه ويعتمدون على عقله فأحضروه وقالوا له: أيها الحكيم العالم ما الذي تشير به علينا في أمر هؤلاء العرب.
فقال: أيها الملك أن جوهر العقل لا قيمة له وما استضاء به أحد إلا هداه إلى سبيل نجاته وقاده إلى معالم مصالحه وهؤلاء القوم لا تذل لهم راية ولا تلحق لهم غاية قد فتحوا البلاد وأذلوا العباد واشتهر أمرهم وعلا ذكرهم وفشا خبرهم وعلت كلمتهم وطافت الأرض دعوتهم فما أحد يقدر عليهم ولا يصل إليهم وما نحن باشد من جيوش الشام ولا امنع بلدا وهؤلاء القوم قد أيدوا بالنصر وغلبوا بالقهر وإن الرحمة في قلوبهم فعاهدهم فما عاهدوا عهدا وخانوا وما حلفوا يمينا فكذبوا وقد بلغك ما هم عليه من الدين والصيانة والصدق والأمانة والرأي عندي أن تصالحهم لتنال بذلك الأمن وحقن الدماء وصون الحريم ودفع الأمر العظيم ونكون قد صالحناهم ودفعناهم بشي من مالنا قال فلما سمع البامرك ذلك من الحكيم أمر بضرب عنقه فلما عرف الحكيم أن المنية قد غشيته قال: اللهم إني بريء مما يشركون بك لا شريك لك ولا ولد ولا صاحبة لك وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وإن محمدا رسول الله قال فلما سمع البامرك كلامه ضربه فقتله وأمرهم بأن يأخذوا على أنفسهم للحرب فلما كان الغد خرجوا إلى ظاهر دمياط ونصبوا خيامهم قال: وكان للحكيم ولد ورث فضائل أبيه وكان فيه فطنة وعقل وتدبير فلما قتل أبوه أظهر الفرح والدعة للملك البامرك وقال لقد أراحني الملك منه ومن شره فبلغ البامرك ما قاله ابن الحكيم فأرسل إليه وخلع عليه وطيب قلبه فلما كان الليل قال: والله لآخذن بثأر أبي من هذا اللعين ومن أولاده وكانت داره ملاصقة للسور فنقب نقبا واسعا وخرج منه وقصد الصحابة فلما رأوه قالوا له: من أنت قال أن أبي قد قتل من أجلكم وقد نقبت نقبا وخرجت منه فقوموا على.