للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران:١٦٩] .

قال فبينما هو كذلك إذ عبر عليه عدو الله ورماه وكذلك جميل قصده بنبلة فوقعت في صدره ومرت من ظهره ونظر جميل إلى الحجر وقد قصده فعلم أنه ميت فالتفت إلى ابن عم له اسمه رافع بن خالد وقال له: بلغ العجوز سلامي وأنشدها هذه الابيات وجعل يقول:

ايا رافعا إلا حملت رسالتي. ... تخبر أني قد لقيت حمامي.

وإن جئت أمي رافعا وعشيرتي. ... فخصهم مني بكل سلام.

وإن سألت عني العجوز فقل لها. ... قتيل حجار لا قتيل سهام.

طريحا بباب الحصن لما تطايرت. ... من الحجر الصلد الاصم عظامي.

ولست ابالي أن قتلت لانني. ... أرجي بقتلي في الجنان مقامي.

قال: وعلم عياض بقصته فبكى رحمة لأمه وأمر به فدفن بعد ما صلى عليه وبلغ خبره إلى أمه فصبرت صبر الكرام وقالت يا بني عشت سعيدا ومت شهيدا وسلكت سبيل آبائك فرحمك الله وآنس غربتك ونفعني بك يوم القيامة ثم قرآت: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة:١٥٦] .

قال: حدثنا معمر بن الجون النهائي وكان ممن حضر مع جده سراقة فتح رأس العين قال لما قتل بن سعد فرحت الروم وإن عدو الله مرسيوس صاحب الامر بعد شهرياض لما رأى أن المسلمين معولون على حصاره مضى في الليل إلى بيعة نسطوريا وصلى بها وقرب القربان وكان من بغضه للمسلمين قد صور على باب البيعة صورة رجل من العرب وكتب عليه هذا نبي العرب فكل من دخل البيعة يبصق عليه وكان في داخل البيعة صورة القيامة والميزان والصراط والجنة والنار وصور عيسى وبيده الصليب أمه تحت لوائه على باب الجنة قال فلما صلى قال لعاصم بن رواحة لقد أردت الليلة أن أقرب عشرة من هؤلاء العرب الأسرى في بيت المذبح فقال له عاصم: ليس هذا برأي أيها الملك حتى ترى ما يكون من أمر العرب وهذا بين يديك قال سكت وخرج وإن عاصما لم يترك في البيعة أحدا من الروم واستوثق من أبواب البيعة ودخلت الصحابة إلى بيت المذبح فوجدوا فيه سلاحا كثيرا مما كان يجتمع من النذور فأخذوه وعولوا على أنهم في صبيحة غد إذا اشتغل أهل المدينة بالقتال ليثورون في المدينة قال: ولما دخل الليل قاموا يذكرون الله وينظرون إلى تلك الصور المصورة وصفة القيامة والصراط والجنة والنار فقال عاصم بن رواحة لسعيد بن زيد الهرب إلى دين رسول.

<<  <  ج: ص:  >  >>