للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ربه فلما أتاه في أودية محبته هطلت عليه سحائب محنته ورمى بصواعق اهبطا فلما خرج إلى بيداء كرباته اشتملته مواكب آلائه مبشرة إياه باجتبائه: {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} [طه:١٢٢] قال: وإن اسلاغورس أمرهم أن يدخلوا البيعة فقال الحكم بن هشام وما الذي نصنع في بيعتكم قال تذكرون فيها ربكم قال: ما كنا ندعي إلى ذكر ربنا فنتأخر عنه قال فربطو خيلهم ودخلوا ما اراد اسلاغورس بذلك إلا أنه قد زخرفها وصور فيها بيت المقدس والصخرة وقبة السلسلة ومحراب داوب ومهد عيسى وصورته وأمه مريم فلما توسطها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ الحكم بن هشام: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [المائدة: ١١٦] ورفع بها صوته فقال: لا والله وإنما اقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له وإن محمدا عبده ورسوله قال فوالله لقد ماجت بيعة القوم وتزلزلت وصفقت القناديل بعضها ببعض قال: وكان للبيعة شيخ عالم بالأديان والشرائع وكان اسمه عبد المسيح فلما نظر ما حل بالبيعة والقناديل صلب على وجهه وكذلك كل ما كان فيها وقالوا لملكهم: أنت ما أردت إلا هلاكنا إذ أدخلت هؤلاء العرب الينا أما ترى كيف غضب المسيح علينا فقال البطريق لا وحق المسيح ما هو إلا توحيدهم الله وذكر نبيهم أظهر لكم من معجزة نبيهم ما رأيتموه يا ويلكم إذا كان قد فتح لهم باب في السور ودخلوا منه علينا فكيف لا تعتز البيعة وتصفق القناديل لما دخلوها وأنا كنت في شك مما ذكرت والآن فيا طوبي لمن كان على دينهم.

قال الواقدي: وكان هذا خادم بترك بيت المقدس وكان في بيت المقدس يوم فتحت على يد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وسمع من البترك في بيت المقدس وهو يقول هذا الذي يفتح الأرض في طولها والعرض ومحمد هو الذي بشر به المسيح بن مريم ولقد سأله رجل لما رأى المسلمين يعظمون الصخرة ويقبلون القدم الذي فيها فقال للبترك نرى المسلمين يقبلون قدم المسيح فقال له: يا بني نحن نقول أنه قدم المسيح وإنما هو قدم نبيهم محمد بن عبد الله لما عرج به إلى السماء قال أو عرج به فقال: نعم أسرى به من مكة إلى بيت المقدس وصلى بالنبيين وأسرى به.

قال الحكم وذلك لما استبشرت به النفوس وبلغ خبر رسالته وإنه زيد في كماله وأشرقت أنوار جماله وأراد الحق أن يشرفه على أهل الكونين باقترابه من قاب قوسين فنودي في عالم الملكوت تأهبوا ثم تأدبوا فهذه ليلة الدنو والاقتراب هذه ليلة عتق الرقاب هذه ليلة الحبور هذه ليلة السرور هذه ليلة الابتهاج هذه ليلة المعراج انصبوا سلم الارسال وافرشوا فرش الاظلال وقوموا على أقدام الاسترسال يا جبريل

<<  <  ج: ص:  >  >>