للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع الله في قوله: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم} فلما نظر اليها مرهف قال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله وإن دينكم الحق وقولكم الصدق فقال له عياض: ما بالك أيها الرجل قال هذه زوجة يانس صاحب الهتاج وقد طرحها الله في أيديكم فسجد عياض شكرا لله فلما رفع رأسه قال: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: ٢, ٣] .

قال الواقدي: وكانت ميرونة قد خرجت من عند أهلها ومعها جماعة من بنات البطارقة فوافق طريق قيس بن هبيرة تلك الأرض فأخذها ومن معها وأتى بها إلى عياض فقال عياض لمرهف ارجع إلى يانس واكتم إسلامك وأخبره بما رايت واستعمل النصح للمسلمين وقل له أن اراد أهله فليسلم لنا هذه القلعة ومهما أردنا منه قال فرجع مرهف إلى يانس وحدثه بما جرى فعظم ذلك عليه وكبر لديه وقال لمرهف ما الذي ترى من الرأي قال اعلم أن هؤلاء القوم ما قالوا: إلا وفوا به وبذلك نصروا علينا ومن الرأي أن نسلم لهم القلعة ويعطوك زوجتك وجميع مالك وأنا الضامن لك منهم ذلك فقال: يانس انزل إليهم وائتني بعشرة رجال يحلفون لي على ما اريد فإن أجابوني إلى ذلك سلمت إليهم القلعة ولا تأتني إلا بمن يقبل قوله ويشكر فعله حتى أستوثق منهم لنفسي ولعله يكون الرجل الذي شاع ذكره بالشجاعة وفتح البلاد والشام يعني خالد بن الوليد وإنما أراد الملعون ذلك حتى يقبض عليهم ويخلص بهم زوجته قال فنزل إلى عياض وأخبره بذلك وبما قاله يانس فقال عياض يا مرهف يريد الملعون أن يخدعنا ونحن ثمرة الخداع ونرجو من الله أن يرجع مكره عليه ولديه ثم قرا: {إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس: ٨١] قال خالد: دعنا أيها الأمير نصعد إليه والله الموفق للصواب.

فقال عياض اعزموا على بركة الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فنهض خالد والمقداد وعمار وسعيد بن زيد وعمرو بن معد يكرب والمسيب بن نجيبة وقيس بن هبيرة وميسرة وضرار بن الأزور وعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم أجمعين وساروا ومرهف أمامهم إلى أن وصلوا باب القلعة وكان رتب عدو الله غلمانه في دركات القلعة وأمرهم أن يأخذوا منهم سلاحهم ففعلوا ذلك إلا خالدا وعبد الرحمن وضرار فقالوا: ما كنا نسلم عدتنا لغيرنا فإن اراد أن ندخل عليه بسلاحنا والا رجعنا من حيث أتينا فدخل مرهف عليه وقال أن هؤلاء الثلاثة امتنعوا من اعطاء السلاح وما الذي يقدرون على أن يفعلوه دعهم يدخلوا كيف شاءوا فلو كانوا نارا ما أحرقوا ولا ترهم الجزع فيطمعوا فقال: وحق المسيح لقد صدقت دعهم كلهم يدخلوا بعددهم حتى يعلموا اننا لا نخافهم ولا نرهبهم وايضا لئلا تنفر قلوبهم منا فرجع مرهف.

<<  <  ج: ص:  >  >>